responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 2  صفحه : 49
لِبَعْضِ الْمُؤْمِنِينَ وَالشُّهَدَاءِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الرُّوحُ صُورَةَ طَائِرٍ وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ حَزْمٍ وَابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ، قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ نَسَمَةَ الْمُؤْمِنِ طَائِرٌ يَعْلُقُ يَعْنِي أَنَّهَا تَطِيرُ فِي الْجَنَّةِ لَا أَنَّهَا تُمْسَخُ فِي صُورَةِ الطَّيْرِ، قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الَّتِي فِيهَا أَنَّهَا فِي حَوَاصِلِ طَيْرٍ خُضْرٍ فَإِنَّهَا صِفَةُ تِلْكَ الْقَنَادِيلِ الَّتِي تَأْوِيهَا، قَالَ وَالْحَدِيثَانِ مَعًا حَدِيثٌ وَاحِدٌ، قَالَ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ لَفْظًا وَمَعْنًى فَإِنَّ حَدِيثَ " «نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَائِرٌ يَعْلُقُ فِي الْجَنَّةِ» " غَيْرُ حَدِيثِ " «أَرْوَاحُ الشُّهَدَاءِ فِي حَوَاصِلِ طَيْرٍ خُضْرٍ» "، وَالَّذِي ذَكَرَهُ مُحْتَمَلٌ فِي الْأَوَّلِ وَأَمَّا الثَّانِي فَلَا يَحْتَمِلُهُ بِوَجْهٍ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ أَنَّ أَرْوَاحَهُمْ فِي حَوَاصِلِ طَيْرٍ، وَفِي لَفْظٍ آخَرَ: «فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ» ، وَفِي لَفْظٍ: بِيضٍ، وَأَنَّ تِلْكَ الطَّيْرَ تَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ فَتَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا وَتَشْرَبُ مِنْ أَنْهَارِهَا ثُمَّ تَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ تَحْتَ الْعَرْشِ هِيَ لَهَا كَالْأَوْكَارِ لِلطَّائِرِ، وَقَوْلُهُ إِنَّ حَوَاصِلَ تِلْكَ الطَّيْرِ هِيَ صِفَةُ تِلْكَ الْقَنَادِيلِ الَّتِي تَأْوِي إِلَيْهَا خَطَأٌ قَطْعًا بَلْ تِلْكَ الْقَنَادِيلُ مَأْوًى لِتِلْكَ الطَّيْرِ، فَهُنَا ثَلَاثَةُ أُمُورٍ شُرِحَ بِهَا الْحَدِيثُ أَرْوَاحٌ وَطَيْرٌ هِيَ فِي أَجْوَافِهَا وَقَنَادِيلُ مَأْوًى لِتِلْكَ الطَّيْرِ، وَالْقَنَادِيلُ مُسْتَقِرَّةٌ تَحْتَ الْعَرْشِ لَا تَسْرَحُ وَالطَّيْرُ تَسْرَحُ وَتَذْهَبُ وَتَجِيءُ وَالْأَرْوَاحُ فِي أَجْوَافِهَا.
فَإِنْ قِيلَ يُحْتَمَلُ أَنْ تَجْعَلَ نَفْسَهَا فِي صُورَةِ طَيْرٍ لَا أَنَّهَا تُرَكَّبُ فِي بَدَنِ طَيْرٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} [الانفطار: 8] وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي اللَّفْظِ الْآخَرِ أَرْوَاحُهُمْ كَطَيْرٍ خُضْرٍ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: الْأَشْبَهُ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ قَالَ كَطَيْرٍ أَوْ صُورَةِ طَيْرٍ لِمُطَابَقَتِهِ لِحَدِيثِ " «نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ» ".
وَقَدْ أَجَابَ الْمُحَقِّقُ بِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ قَدْ رُوِيَ بِهَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ وَالَّذِي فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ عَنْ مَسْرُوقٍ " «أَرْوَاحُهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ» " وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ فَلَمْ يَخْتَلِفْ حَدِيثُهُمَا فِي أَنَّهَا فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ.
قَالَ الْمُحَقِّقُ وَلَا مَحْذُورَ فِي هَذَا وَلَا يُبْطِلُ قَاعِدَةً مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ وَلَا يُخَالِفُ نَصًّا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَلَا سُنَّةً عَنْ رَسُولِ اللَّهِ بَلْ هَذَا مِنْ تَمَامِ إِكْرَامِ اللَّهِ لِلشُّهَدَاءِ أَنْ أَعَاضَهُمْ مِنْ أَبْدَانِهِمُ الَّتِي مَزَّقُوهَا لِلَّهِ تَعَالَى أَبْدَانًا أُخَرَ خَيْرًا مِنْهَا تَكُونُ مَرْكَبًا لِأَرْوَاحِهِمْ لِيَحْصُلَ بِهَا كَمَالُ تَنَعُّمِهِمْ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ

نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 2  صفحه : 49
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست