responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 2  صفحه : 438
وَالدَّلِيلُ فِي الْحَدِيثِ: " «الصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ» ". أَيْ أَنَّهَا حُجَّةٌ لِطَالِبِ الْأَجْرِ مِنْ أَنَّهَا قَرْضٌ يُجَازِي اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ، وَقِيلَ بَلْ هِيَ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ إِيمَانِ صَاحِبِهَا لِطِيبِ نَفْسِهِ بِإِخْرَاجِهَا، وَذَلِكَ لِعَلَاقَةِ مَا بَيْنَ النَّفْسِ وَالْمَالِ. وَالْبُرْهَانُ عِنْدَ أَهْلِ الْمِيزَانِ قِيَاسٌ مُؤَلَّفٌ مِنْ مُقَدِّمَاتٍ يَقِينِيَّةٍ لِإِنْتَاجِ يَقِينِيَّاتٍ. وَالْيَقِينُ اعْتِقَادُ أَنَّ الشَّيْءَ كَذَا مَعَ اعْتِقَادِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَّا كَذَا مَعَ مُطَابَقَتِهِ لِلْوَاقِعِ وَامْتِنَاعِ تَغَيُّرِهِ.
((وَقَالَ قَوْمٌ)) بَلْ مَدَارِكُ الْعِلْمِ ((عِنْدَ أَصْحَابِ النَّظَرِ)) الْفِكْرُ وَالتَّدْقِيقُ وَالْبَحْثُ وَالتَّحْقِيقُ، أَعْنِي عُلَمَاءَ النَّظَرِ وَهُمُ النُّظَّارُ مِنَ الْمُتَكَلِّمَةِ وَالْمَنْطِقِيِّينَ وَعُلَمَاءِ الْأُصُولِ ثَلَاثَةٌ، أَحَدُهَا ((حِسٌّ)) أَيْ مَا يُدْرَكُ بِأَحَدِ الْحَوَاسِّ الْخَمْسَةِ وَهِيَ جَمْعُ حَاسَّةٍ بِمَعْنَى الْقُوَّةِ الْحَاسَّةِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالشَّمِّ وَالذَّوْقِ وَاللَّمْسِ، فَخَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى كُلًّا مِنْ تِلْكَ الْحَوَاسِّ لِإِدْرَاكِ أَشْيَاءَ مَخْصُوصَةٍ، فَالسَّمْعُ لِلْأَصْوَاتِ، وَالذَّوْقُ لِلطُّعُومِ، وَالشَّمُّ لِلرَّوَائِحِ، وَالْبَصَرُ لِلْمَرْئِيَّاتِ، وَاللَّمْسُ لِلْمَلْمُوسَاتِ، وَهِيَ الْقُوَّةُ الْمُنْبَثَّةُ فِي جَمِيعِ الْبَدَنِ، يُدْرَكُ بِهَا الْحَرَارَةُ وَالْبُرُودَةُ وَالرُّطُوبَةُ وَالْيُبُوسَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ عِنْدَ التَّمَاسِّ وَالِاتِّصَالِ، فَلَا يُدْرَكُ بِوَاحِدَةٍ مَا يُدْرَكُ بِالْحَاسَّةِ الْأُخْرَى وَالْمُدْرَكُ بِشَيْءٍ مِنْهَا يُقَالُ لَهُ مَحْسُوسٌ.
((وَ)) الثَّانِي ((إِخْبَارٌ صَحِيحٌ)) ثَابِتٌ رَجِيحٌ مُطَابِقٌ لِلْوَاقِعِ، فَإِنَّ الْخَبَرَ كَلَامٌ يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ احْتِمَالًا مُتَسَاوِيًا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَائِلِهِ، وَلَهُ نِسْبَةٌ خَارِجَةٌ فَإِنْ طَابَقَتْهُ فَصَادِقٌ وَإِلَّا فَكَاذِبٌ، وَهَذَا الْخَبَرُ هُوَ الَّذِي يُفِيدُ الْعَلِمَ عَلَى نَوْعَيْنِ: (أَحَدُهُمَا) الْمُتَوَاتِرُ الثَّابِتُ عَلَى أَلْسِنَةِ قَوْمٍ لَا يُتَصَوَّرُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، وَمِصْدَاقُهُ وُقُوعُ الْعِلْمِ مِنْ غَيْرِ شُبْهَةٍ، وَهُوَ مُوجِبٌ لِلْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ كَالْعِلْمِ بِالْمُلُوكِ الْمَاضِيَةِ فِي الْأَزْمِنَةِ الْخَالِيَةِ وَالْبُلْدَانِ النَّائِيَةِ كَوُجُودِ مَكَّةَ وَبَغْدَادَ، فَإِنَّ مَنْ لَمْ يُحْسِنْ الِاكْتِسَابَ وَلَا تَرْتِيبَ الْمُقَدِّمَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ يُدْرِكُ ذَلِكَ فَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْعِلْمُ بِذَلِكَ ضَرُورِيًّا لَمَا أَحْسَنُوا ذَلِكَ، وَأَمَّا خَبَرُ النَّصَارَى بِقَتْلِ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَالْيَهُودُ بِتَأْبِيدِ دِينِ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَتَوَاتُرُهُ مَمْنُوعٌ، لِأَنَّ مُسْتَنَدَهُ مُجَرَّدُ الْوَهْمِ وَالْهَوَى. فَإِنْ قِيلَ خَبَرُ كُلِّ وَاحِدٍ لَا يُفِيدُ إِلَّا الظَّنَّ، وَضَمُّ الظَّنِّ إِلَى الظَّنِّ لَا يُوجِبُ

نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 2  صفحه : 438
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست