responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 2  صفحه : 43
وَقَالَ الْآخَرُونَ بَلْ خُلِقَتِ الْأَجْسَادُ قَبْلَ الْأَرْوَاحِ وَاحْتَجُّوا بِحُجَجٍ مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} [الحجرات: 13] وَهَذَا خِطَابٌ لِلْإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ رُوحٌ وَبَدَنٌ فَدَلَّ أَنَّ جُمْلَتَهُ مَخْلُوقَةٌ بَعْدَ خَلْقِ الْأَبَوَيْنِ وَأَصْرَحُ مِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} [النساء: 1] وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ خَلْقَ جُمْلَةِ النَّوْعِ الْإِنْسَانِيِّ بَعْدَ خَلْقِ أَصْلِهِ.
وَأَيْضًا فَخَلْقُ أَبِي الْبَشَرِ وَأَصْلِهِمْ كَانَ هَكَذَا فَإِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَ جِبْرِيلَ فَقَبَضَ قَبْضَةً مِنَ الْأَرْضِ ثُمَّ خَمَّرَهَا حَتَّى صَارَتْ طِينًا ثُمَّ صَوَّرَهُ ثُمَّ نَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ بَعْدَ أَنْ صَوَّرَهُ فَلَمَّا دَخَلَتِ الرُّوحُ فِيهِ صَارَ لَحْمًا وَدَمًا حَيًّا نَاطِقًا فَفِي تَفْسِيرِ أَبِي مَالِكٍ وَأَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَعَنْ مُرَّةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَمَّا فَرَغَ اللَّهُ مِنْ خَلْقِ مَا أَحَبَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ فَجَعَلَ إِبْلِيسَ عَلَى مُلْكِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَكَانَ مِنْ قَبِيلَةٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يُقَالُ لَهُمُ الْجِنُّ وَإِنَّمَا سُمُّوا الْجِنَّ لِأَنَّهُمْ خُزَّانُ الْجَنَّةِ وَكَانَ إِبْلِيسُ مَعَ مُلْكِهِ خَازِنًا فَوَقَعَ فِي صَدْرِهِ وَقَالَ مَا أَعْطَانِي اللَّهُ هَذَا إِلَّا لِمَزِيَّةٍ لِي، وَفِي لَفْظٍ إِلَّا لِمَزِيَّةٍ لِي عَلَى الْمَلَائِكَةِ. فَلَمَّا وَقَعَ ذَلِكَ الْكِبْرُ فِي نَفْسِهِ اطَّلَعَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ مِنْهُ فَقَالَ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً - وَذَكَرَ الْأَثَرَ إِلَى أَنْ قَالَ: فَبَعَثَ اللَّهُ جِبْرِيلَ إِلَى الْأَرْضِ لِيَأْتِيَهُ بِطِينٍ مِنْهَا فَقَالَتِ الْأَرْضُ إِنِّي أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ أَنْ تَقْبِضَ مِنِّي، فَرَجَعَ وَلَمْ يَأْخُذْ وَقَالَ: رَبِّ إِنَّهَا عَاذَتْ بِكَ فَأَعَذْتَهَا، فَبَعَثَ مِيكَائِيلَ فَعَاذَتْ مِنْهُ فَأَعَاذَهَا، فَبَعَثَ مَلَكَ الْمَوْتِ فَعَاذَتْ مِنْهُ فَقَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَرْجِعَ وَلَمْ أُنَفِّذْ أَمْرَهُ، فَأَخَذَ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ وَخَلَطَ فَلَمْ يَأْخُذْ مِنْ مَكَانٍ وَاحِدٍ، فَأَخَذَ مِنْ تُرْبَةٍ حَمْرَاءَ وَبَيْضَاءَ وَسَوْدَاءَ، فَلِذَلِكَ خَرَجَ بَنُو آدَمَ مُخْتَلِفِينَ، فَصَعِدَ بِهِ قِبَلَ الرَّبِّ حَتَّى عَادَ طِينًا لَازِبًا وَاللَّازِبُ هُوَ الَّذِي يَلْزَقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ ثُمَّ قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ {إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} [ص: 71] فَخَلَقَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ لِكَيْلَا يَتَكَبَّرَ إِبْلِيسُ عَنْهُ لِيَقُولَ لَهُ تَتَكَبَّرُ عَمَّا عَمِلْتُ بِيَدَيَّ وَلَمْ أَتَكَبَّرْ أَنَا عَنْهُ، فَخَلَقَهُ بَشَرًا فَكَانَ جَسَدًا مِنْ طِينٍ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَمَرَّتْ بِهِ الْمَلَائِكَةُ فَفَزِعُوا مِنْهُ لَمَّا رَأَوْهُ وَكَانَ أَشَدُّهُمْ فَزَعًا مِنْهُ إِبْلِيسَ فَكَانَ يَمُرُّ بِهِ فَيَضْرِبُهُ فَيُصَوِّتُ الْجَسَدُ كَمَا يُصَوِّتُ

نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 2  صفحه : 43
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست