responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 2  صفحه : 418
مَعَ قَصْرِ النَّظَرِ عَنِ الْأَجْسَادِ الَّتِي هِيَ مَسَاكِنُ الْأَرْوَاحِ، فَأَرْوَاحُ الْأَنْبِيَاءِ أَفْضَلُ مِنْ أَرْوَاحِ الْمَلَائِكَةِ، لِأَنَّهُمْ فُضِّلُوا عَلَيْهِمْ بِالْإِرْسَالِ وَرُسُلُ الْمَلَائِكَةِ قَلِيلٌ، لِأَنَّ رَسُولَ الْمَلَائِكَةِ يَأْتِي إِلَى نَبِيٍّ وَاحِدٍ وَرَسُولُ الْبَشَرِ يَأْتِي إِلَى الْأُمَمِ وَإِلَى أُمَّةٍ وَاحِدَةٍ، فَيَهْدِيهِمُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى يَدَيْهِ فَيَكُونُ لَهُ أَجْرُ تَبْلِيغِهِ وَمِثْلُ أَجْرِ مَنِ اهْتَدَى عَلَى يَدَيْهِ وَلَيْسَ مِثْلُ هَذَا لِلْمَلَائِكَةِ، وَبِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَبِالصَّبْرِ عَلَى مَصَائِبِ الدُّنْيَا وَمِحَنِهَا، وَاللَّهُ تَعَالَى يُحِبُّ الصَّابِرِينَ، وَلَا عِبْرَةَ بِفَضْلِ أَجْسَادِ الْمَلَائِكَةِ عَلَى أَجْسَادِ الْأَنْبِيَاءِ، لِأَنَّ الْأَجْسَادَ مَسَاكِنُ وَلَا شَرَفَ بِالْمَسَاكِنِ، وَإِنَّمَا الشَّرَفُ بِالْأَوْصَافِ الْقَائِمَةِ بِالسَّاكِنِ فَالِاعْتِبَارُ بِالسَّاكِنِينَ دُونَ الْمَسَاكِنِ، فَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ قَدْ سَكَنُوا فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّهُمْ أَفْضَلُ مِنْ أُمَّهَاتِهِمْ، فَرُوحُ الْمَسِيحِ أَفْضَلُ مَنْ جَسَدِ مَرْيَمَ، وَكَذَلِكَ رُوحُ إِبْرَاهِيمَ أَفْضَلُ مَنْ جَسَدِ أُمِّهِ، وَرُوحُ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلُ مَنْ جَسَدِ أُمِّهِ.
فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فِي أَسْبَابِ التَّفْضِيلِ فَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْأَسْبَابَ الْمُوجِبَةَ لِلتَّفْضِيلِ قَدْ تَتَعَارَضُ، فَيَكُونُ الْأَفْضَلُ مَنْ حَازَ أَكْثَرَهَا وَأَفْضَلَهَا، وَقَدْ يَخْتَصُّ الْمَفْضُولُ بِبَعْضِ الصِّفَاتِ الْفَاضِلَةِ وَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي التَّفْضِيلِ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَقْضَاكُمْ عَلِيٌّ، وَأَفْرَضُكُمْ زَيْدٌ، وَأَقْرَؤُكُمْ أُبَيٌّ، وَأَعْلَمُكُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَزْهَدُكُمْ أَبُو ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ» -. مَعَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَفْضَلُ مِنَ الْجَمِيعِ، وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ فُخَصَّ سُلَيْمَانُ بِالْمُلْكِ الْعَظِيمِ، وَنُوحٌ بِالْإِنْذَارِ الْمِئِينَ مِنَ السِّنِينَ، وَآدَمُ أَبَا الْبَشَرِ مَعَ تَفْضِيلِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - فَلَوْلَا جَوَازُ تَخْصِيصِ الْمَفْضُولِ بِمَا لَيْسَ لِلْفَاضِلِ لَلَزِمَ التَّنَاقُضَ، فَلَا جَرَمَ عَلِمْنَا أَنَّ التَّفَاضُلَ مَا بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمُ السَّلَامُ - إِنَّمَا هُوَ بِالطَّاعَاتِ وَكَثْرَةِ الْمَثُوبَاتِ وَالْأَحْوَالِ السَّنِيَّاتِ وَشَرَفِ النُّبُوَّاتِ وَالرِّسَالَاتِ وَالدَّرَجَاتِ الْعَلِيَّاتِ، فَكُلُّ مَنْ كَانَ فِيهَا أَتَمُّ فَهُوَ أَفْضَلُ، وَفِيمَا ذُكِرَ مِنْ تَعْدَادِ أَسْبَابِ التَّفْضِيلِ الرَّدُّ عَلَى الْمَأْمُونِ بْنِ هَارُونَ الرَّشِيدِ الْخَلِيفَةِ فِي زَعْمِهِ أَنَّ أَسْبَابَ التَّفْضِيلِ أَرْبَعَةٌ وَكُلُّهَا فِي عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَكْمَلُ مِنْهَا فِي غَيْرِهِ فَزَعَمَ أَنَّهُ أَفْضَلُ الصَّحَابَةِ وَهِيَ الْعِلْمُ وَالشَّجَاعَةُ وَالْكَرَمُ وَشَرَفُ النَّسَبِ. وَأَخَذَ يَرُدُّ عَلَى الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - وَيَرُدُّ عَلَى أَهْلِ السُّنَّةِ فَبَطَلَ بِمَا ذُكِرَ دَعْوَى هَذَا الْحَصْرِ، وَكَانَ الْمَأْمُونُ هَذَا

نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 2  صفحه : 418
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست