responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 2  صفحه : 407
بِحُجَّةٍ لِأَنَّ الْحُكْمَ الْكُلِّيَّ لَا يَثْبُتُ بِالْمِثَالِ الْجُزْئِيِّ، ثُمَّ إِنَّهُ مُعَارَضٌ بِنَحْوِ قَوْلِكَ: مَا أَعَانَنِي عَلَى هَذَا الْأَمْرِ لَا عَمْرٌو وَلَا زَيْدٌ، فَهَذَا لَا يُفِيدُ كَوْنَ الْمُتَأَخِّرِ فِي الذِّكْرِ أَفْضَلَ مِنَ الْمُقَدَّمِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ} [المائدة: 2] وَلَمَّا اخْتَلَفَتِ الْأُمَّةُ امْتَنَعَ التَّعْوِيلُ عَلَيْهَا، ثُمَّ التَّحْقِيقُ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ قِيلَ: إِذَا قِيلَ هَذَا الْعَالِمُ لَا يَسْتَنْكِفُ مِنْ خِدْمَتِهِ الْوَزِيرُ وَلَا السُّلْطَانُ، فَنَحْنُ نَعْلَمُ بِعُقُولِنَا أَنَّ السُّلْطَانَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الْوَزِيرِ، فَعَرَفْنَا أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ ذِكْرِ الثَّانِي هُوَ الْمُبَالَغَةُ، فَهَذِهِ الْمُبَالَغَةُ إِنَّمَا عَرَفْنَاهَا بِهَذَا الطَّرِيقِ لَا بِمُجَرَّدِ التَّرْتِيبِ فِي الذِّكْرِ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ نَعْرِفَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ بَيَانُ الْمُبَالِغَةِ إِلَّا إِذَا عَرَفْنَا قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ الْمُقَرَّبِينَ أَفْضَلُ مِنَ الْمَسِيحِ، وَحِينَئِذٍ يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ الْمَطْلُوبِ. وَذَلِكَ دَوْرٌ (الرَّابِعُ) هَبْ أَنَّ الْآيَةَ الْكَرِيمَةَ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ مَنْصِبَ الْمَلَكِ أَعْلَى وَأَزْيَدُ مِنْ مَنْصِبِ الْمَسِيحِ، وَلَكِنْ لَا تَدُلُّ عَلَى الزِّيَادَةِ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ، فَالْمَلَكُ أَزْيَدُ مِنْ جِهَةِ الْقُوَّةِ وَالْقُدْرَةِ وَالْبَطْشِ، فَإِنَّ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَلَعَ مَدَائِنَ قَوْمِ لُوطٍ، وَالْبَشَرُ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى مَثَلِ ذَلِكَ، فَلِمَ قُلْتُمْ: إِنَّ الْمَلَكَ أَفْضَلُ مِنَ الْبَشَرِ فِي كَثْرَةِ الثَّوَابِ الْحَاصِلِ بِسَبَبِ مَزِيدِ الْخُشُوعِ وَالْعُبُودِيَّةِ؟ وَتَمَامُ التَّحْقِيقِ أَنَّ الْفَضْلَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ كَثْرَةُ الثَّوَابِ، ثُمَّ إِنَّ كَثْرَةَ الثَّوَابِ لَا تَحْصُلُ إِلَّا بِنِهَايَةِ التَّوَاضُعِ وَالْخُضُوعِ، وَكَوْنُ الْعَبْدِ مَوْصُوفًا بِنِهَايَةِ التَّوَاضُعِ لِلَّهِ تَعَالَى لَا يُلَائِمُ صَيْرُورَتَهُ مُسْتَنْكِفًا مِنْ عُبُودِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى، بَلْ يُنَاقِضُهَا وَيُنَافِيهَا فَامْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ هَذَا الْمَعْنَى، وَأَمَّا اتِّصَافُ الشَّخْصِ بِالْقُدْرَةِ الشَّدِيدَةِ وَالْقُوَّةِ الْكَامِلَةِ فَإِنَّهُ مُنَاسِبٌ لِلتَّمَرُّدِ وَتَرْكِ الْعُبُودِيَّةِ، فَالنَّصَارَى لَمَّا شَاهَدُوا مِنَ الْمَسِيحِ إِحْيَاءَ الْمَوْتَى وَإِبْرَاءَ الْأَكْمَهِ وَالْأَبْرَصِ أَخْرَجُوهُ بِسَبَبِ هَذَا الْقَدْرِ مِنَ الْقُدْرَةِ عَنْ عُبُودِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَقَالَ تَعَالَى: إِنَّ عِيسَى لَا يَسْتَنْكِفُ بِسَبَبِ هَذَا الْقَدْرِ مِنَ الْقُدْرَةِ عَنْ عُبُودِيَّتِي، وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ الَّذِينَ هُمْ فَوْقَهُ فِي الْقُدْرَةِ وَالْبَطْشِ وَالِاسْتِيلَاءِ عَلَى عَالَمِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَنْتَظِمُ دَلَالَةُ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ الْمَلَكَ أَفْضَلُ مِنَ الْبَشَرِ فِي الشِّدَّةِ وَالْقُوَّةِ وَالْبَطْشِ، لَكِنَّهَا لَا تَدُلُّ الْبَتَّةَ عَلَى أَنَّ الْمَلَكَ أَفْضَلُ مِنَ الْبَشَرِ فِي كَثْرَةِ الثَّوَابِ، وَيُقَالُ أَيْضًا: إِنَّمَا ادَّعَتِ النَّصَارَى إِلَهِيَّةَ عِيسَى لِأَنَّهُ

نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 2  صفحه : 407
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست