responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 2  صفحه : 402
فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنِ السُّجُودُ دَالًّا عَلَى (عُلُوِّ) مَنْصِبِ الْمَسْجُودِ لَهُ عَلَى السَّاجِدِ لَمَا قَالَ إِبْلِيسُ: {أَرَأَيْتَكُ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ} [الإسراء: 62] إِذْ لَمْ يُوجَدْ مَا يَصْرِفُ هَذَا الْكَلَامَ إِلَيْهِ سِوَى هَذَا السُّجُودِ، فَدَلَّ ذَلِكَ السُّجُودُ عَلَى تَرْجِيحِ مَنْصِبِ الْمَسْجُودِ لَهُ عَلَى السَّاجِدِ، (وَمِنْهَا) أَنَّ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ أَعْلَمَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَالْأَعْلَمُ أَفْضَلُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9] ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة: 31]- إِلَى قَوْلِهِ - {قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [البقرة: 32] ، (وَمِنْهَا) أَنَّ طَاعَةَ الْبَشَرِ أَشَقُّ، وَالْأَشَقُّ أَفْضَلُ فَإِنَّ الْبَشَرَ مَجْبُولُونَ عَلَى الشَّهْوَةِ وَالْحِرْصِ وَالْغَضَبِ وَالْهَوَى وَنَحْوِهَا وَهَذِهِ مِنْ أَكْبَرِ الْمَوَانِعِ، وَهِيَ مَفْقُودَةٌ فِي الْمَلَكِ.
(وَمِنْهَا) قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 33] وَالْعَالَمُ عِبَارَةٌ عَمَّا سِوَى اللَّهِ تَعَالَى، وَالْآلُ يُرَادُ بِهِ الرَّجُلُ نَفْسُهُ وَيُرَادُ بِهِ أُقَارِبُهُ الْأَدْنَوْنَ وَيُرَادُ بِهِ أَتْبَاعُهُ، فَإِنْ قِيلَ: يُشْكِلُ هَذَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ: {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: 47] إِذْ يَلْزَمُ عَلَى ظَاهِرِ هَذَا تَفْضِيلُ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَالْجَوَابُ الْآيَةُ أَوَّلًا تَحْتَمِلُ التَّخْصِيصَ، وَثَانِيًا مِنْ شَرْطِ الْمُفَضَّلِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا حَالَ وُجُودِ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَمَّا الْمَلَائِكَةُ فَهُمْ مَوْجُودُونَ حَالَ وُجُودِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، (وَمِنْهَا) أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَهُمْ عُقُولٌ بِلَا شَهْوَةٍ وَالْبَهَائِمُ لَهَا شَهْوَةٌ بِلَا عَقْلٍ، وَالْآدَمِيُّ لَهُ عَقْلٌ وَشَهْوَةٌ، ثُمَّ إِنَّ الْآدَمِيَّ إِنَّ رَجَحَتْ شَهْوَتُهُ عَلَى عَقْلِهِ كَانَ أَخَسَّ مِنَ الْبَهَائِمِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ} [الأعراف: 179] ، وَقَالَ: {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} [الفرقان: 44] وَإِذَا رَجَحَ عَقْلُهُ عَلَى شَهْوَتِهِ كَانَ أَفْضَلَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَمَنْ يُطِيعُ اللَّهَ وَأَوَامِرَهُ وَطِينَتُهُ مَعْجُونَةٌ بِالشَّهْوَةِ وَالْهَوَى، وَيَقْمَعُ شَهْوَتَهُ وَيُخَالِفُ هَوَاهُ تَكُونُ عِبَادَتُهُ أَفْضَلَ، أَلَا تَرَى مَنِ ابْتُلِيَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ بِالشَّهْوَةِ كَيْفَ وَقَعَ فِي الْمَعْصِيَةِ عَلَى مَا قِيلَ؟
وَذَكَرَ نَحْوَ هَذَا الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ: كَمَا وَقَعَ لِهَارُوتَ وَمَارُوتَ وَسَاقَهَا مِنْ ثَلَاثِ طُرُقٍ، ثُمَّ أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ أَكْرَمَ خَلِيقَةِ اللَّهِ عَلَى اللَّهِ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ

نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 2  صفحه : 402
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست