responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 2  صفحه : 374
إِلَّا إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَإِنَّهُ مِنْ سُرِّيَّتِهِ مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ، فَخَدِيجَةُ الْمَذْكُورَةُ أَفْضَلُ نِسَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ((فِي السَّبْقِ)) إِلَى الْإِسْلَامِ، وَمُؤَازَرَةِ خَيْرِ الْأَنَامِ، قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي جَوَابِهِ لِلْمُحَقِّقِ ابْنِ الْقَيِّمِ: خَدِيجَةُ كَانَ تَأْثِيرُهَا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، وَكَانَتْ تُسَلِّي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتُثَبِّتُهُ وَتَبْذُلُ دُونَهُ مَالَهَا، فَأَدْرَكَتْ غُرَّةَ الْإِسْلَامِ، وَاحْتَمَلَتِ الْأَذَى فِي اللَّهِ وَفِي رَسُولِهِ، وَكَانَتْ نُصْرَتُهَا لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَعْظَمِ الْحَاجَةِ، فَلَهَا مِنَ النُّصْرَةِ وَالْبَذْلِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهَا.
قَالَ: وَعَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - تَأْثِيرُهَا فِي آخِرِ أَوْقَاتِ الْإِسْلَامِ، فَلَهَا مِنَ التَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ وَتَبْلِيغِهِ إِلَى الْأُمَّةِ، وَانْتِفَاعِ بَنِيهَا بِمَا أَدَّتْ إِلَيْهِمْ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهَا، فَلِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي آخِرِ الْإِسْلَامِ مِنْ حَمْلِ الدِّينِ وَتَبْلِيغِهِ إِلَى الْأُمَّةِ، وَإِدْرَاكِهَا مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ تُشْرِكْهَا فِيهِ خَدِيجَةُ وَلَا غَيْرُهَا مَا تَمَيَّزَتْ بِهِ عَنْ غَيْرِهَا. وَقَالَ الْمُحَقِّقُ فِي كِتَابِهِ بَدَائِعِ الْفَوَائِدِ: الْخِلَافُ فِي كَوْنِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَفْضَلَ مِنْ فَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلَامُ - أَوْ فَاطِمَةَ أَفْضَلَ إِذَا حُرِّرَ مَحَلُّ التَّفْضِيلِ لَا يَسْتَقِيمُ، أَيِ الْخِلَافُ.
فَإِنْ أُرِيدَ بِالْفَضْلِ كَثْرَةُ الثَّوَابِ عِنْدَ اللَّهِ فَذَلِكَ أَمْرٌ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ إِلَّا بِالنَّصِّ، لِأَنَّهُ بِحَسَبِ تَفَاضُلِ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ، لَا بِمُجَرَّدِ أَعْمَالِ الْجَوَارِحِ، وَكَمْ مِنْ عَامِلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَكْثَرُ عَمَلًا بِجَوَارِحِهِ، وَالْآخَرُ أَرْفَعُ دَرَجَةً مِنْهُ فِي الْجَنَّةِ، وَإِنْ أُرِيدَ بِالتَّفْضِيلِ التَّفْضِيلُ بِالْعِلْمِ فَلَا رَيْبَ أَنَّ عَائِشَةَ أَعْلَمُ وَأَنْفَعُ لِلْأُمَّةِ، وَأَدَّتْ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يُؤَدِّ غَيْرُهَا، وَاحْتَاجَ إِلَى عِلْمِهَا خَوَاصُّ الْأُمَّةِ وَعَامَّتُهَا، وَإِنْ أُرِيدَ بِالتَّفْضِيلِ شَرَفُ الْأَصْلِ وَجَلَالَةُ النَّسَبِ فَلَا رَيْبَ أَنَّ فَاطِمَةَ أَفْضَلُ، فَإِنَّهَا بَضْعَةٌ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَذَلِكَ اخْتِصَاصٌ لَمْ يُشَارِكْهَا فِيهِ غَيْرُ إِخْوَتِهَا، وَإِنْ أُرِيدَ السِّيَادَةُ فَفَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ الْأُمَّةِ، وَإِذَا تَبَيَّنَتْ وُجُوهُ التَّفْضِيلِ وَمَوَارِدُ الْفَضْلِ وَأَسْبَابُهُ صَارَ الْكَلَامُ بِعِلْمٍ وَعَدْلٍ، وَأَكْثَرُ النَّاسِ إِذَا تَكَلَّمَ فِي التَّفْضِيلِ لَمْ يُفَصِّلْ جِهَاتِ الْفَضْلِ، وَلَمْ يُوَازِنْ بَيْنَهَا فَيَبْخَسُ الْحَقَّ، وَإِنِ انْضَافَ إِلَى ذَلِكَ نَوْعُ تَعَصُّبٍ وَهَوًى لِمَنْ يُفَضِّلُهُ تَكَلَّمَ بِالْجَهْلِ وَالظُّلْمِ، قَالَ: وَقَدْ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ عَنْ مَسَائِلَ عَدِيدَةٍ مِنْ مَسَائِلِ التَّفْضِيلِ، فَأَجَابَ فِيهَا بِالتَّفْصِيلِ الشَّافِي، وَإِلَى هَذَا التَّفْصِيلِ أَشَرْنَا بِقَوْلِنَا ((فَافْهَمْ)) فَهْمَ تَحْقِيقٍ وَإِذْعَانٍ وَتَدْقِيقٍ وَإِتْقَانٍ

نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 2  صفحه : 374
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست