responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 2  صفحه : 308
عَلَى النَّاسِ ثُمَّ يَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى. فَيُشْعِرُ هَذَا أَنَّ عُقَلَاءَ الْأُمَمِ مُطْبِقُونَ عَلَى اسْتِحَالَةِ كَذِبِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -.
وَقَوْلُهُ: وَالْأَمَانَةُ أَيْ يَجِبُ لَهُمُ الْأَمَانَةُ وَهِيَ ضِدُّ الْخِيَانَةِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} [الأحزاب: 72] أَيِ الْفَرَائِضَ الْمَفْرُوضَةَ أَوِ النِّيَّةَ الَّتِي يَعْقِدُهَا فِيمَا يُظْهِرُهُ بِاللِّسَانِ مِنَ الْإِيمَانِ، وَيُؤَدِّيهِ مِنْ جَمِيعِ الْفَرَائِضِ فِي الظَّاهِرِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ائْتَمَنَهُ عَلَيْهَا وَلَمْ يُظْهِرْهَا لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ، فَمَنْ أَضْمَرَ مِنَ التَّوْحِيدِ مِثْلَ مَا أَظْهَرَ فَقَدْ أَدَّى الْأَمَانَةَ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ: الْأَمَانَةُ تَقَعُ عَلَى الطَّاعَةِ وَالْعِبَادَةِ وَالْوَدِيعَةِ وَالثِّقَةِ وَالْأَمَانِ. وَالْمُرَادُ بِهَا فِي حَقِّ رُسُلِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنْبِيَائِهِ - عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اتِّصَافُهُمْ بِحِفْظِ ظَوَاهِرِهِمْ وَبَوَاطِنِهِمْ مِنَ التَّلَبُّسِ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ، وَلَوْ نَهْيَ كَرَاهَةٍ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ، أَيْ كَوْنُهُمْ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونُوا إِلَّا كَذَلِكَ إِذْ لَوْ جَازَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَخُونُوا اللَّهَ تَعَالَى بِفِعْلِ مُحَرَّمٍ أَوْ مَكْرُوهٍ عَلَى قَوْلٍ لَجَازَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ مَنْهِيٌّ مِنْهُ مَأْمُورًا بِهِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِهِمْ فِي أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، وَهُوَ تَعَالَى لَا يَأْمُرُ بِمُحَرَّمٍ وَلَا مَكْرُوهٍ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] وَالْمُرَادُ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى الْخُصُوصِيَّةِ كَنِكَاحِ أَزْيَدَ مِنْ أَرْبَعٍ فَتَخْتَصُّ بِهِمْ دُونَ أُمَمِهِمْ، وَفِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67] قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - رَوَّحَ اللَّهُ رُوحَهُ -: وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ بَلَّغَ الرِّسَالَةَ كَمَا أُمِرَ، وَلَمْ يَكْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا، فَإِنَّ كِتْمَانَ مَا أَنْزَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ يُنَاقِضُ مُوجَبَ الرِّسَالَةِ، كَمَا أَنَّ الْكَذِبَ يُنَاقِضُ مُوجَبَ الرِّسَالَةِ، قَالَ: وَمِنَ الْمَعْلُومِ فِي دِينِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ مَعْصُومٌ مِنَ الْكِتْمَانِ لِشَيْءٍ مِنَ الرِّسَالَةِ، كَمَا أَنَّهُ مَعْصُومٌ مِنَ الْكَذِبِ فِيهَا، وَالْأُمَّةُ تَشْهَدُ لَهُ بِأَنَّهُ بَلَّغَ الرِّسَالَةَ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى، وَبَيَّنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَقَدْ وَجَبَ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ تَصْدِيقُهُ فِي كُلِّ مَا أَخْبَرَ بِهِ.

(تَتِمَّةٌ) ذَكَرَ أَبُو الْفَضْلِ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِهِ الشِّفَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُتَكَلِّمِ فِيمَا يَجُوزُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا لَا

نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 2  صفحه : 308
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست