responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 2  صفحه : 298
وَلَدِ آدَمَ عَلَى رَبِّي وَلَا فَخْرَ» ". قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: أَرَادَ لَا أَتَبَجَّحُ بِهَذِهِ الْأَوْصَافِ لَكِنْ أَقُولُهَا شُكْرًا وَمُنَبِّهًا عَلَى إِنْعَامِ رَبِّي عَلَيَّ. وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتْبَعَنِي» ".
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ قَالَ لَهُ يَا خَيْرَ الْبَرِيَّةِ: ذَاكَ إِبْرَاهِيمُ» ، وَقَالَ: «لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى» . وَقَالَ: «لَا تُفَاضِلُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ» . وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ إِنِّي خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى» ، فَالْجَوَابُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُعْلِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ سَيِّدُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ فَلَمَّا أَعْلَمَهُ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - بِذَلِكَ أَخْبَرَ بِهِ، وَإِمَّا أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ تَوَاضُعًا وَتَأَدُّبًا وَاحْتِرَامًا لِخُلَّةِ إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَإِمَّا أَنَّهُ أَرَادَ بَرِيَّةَ عَصْرِ إِبْرَاهِيمَ، أَوْ أَنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا هُوَ عَنْ تَفْضِيلٍ يُؤَدِّي إِلَى تَنْقِيصِ الْمَفْضُولِ، أَوْ يُؤَدِّي إِلَى الْخُصُومَةِ وَالْفِتْنَةِ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي سَبَبِ وُرُودِ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ، أَوْ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنِ التَّفْضِيلِ فِي النُّبُوَّةِ نَفْسِهَا، وَذَلِكَ قَدْ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا بَلْ فِي خَصَائِصِهَا وَتَوَابِعِهَا، وَالْحَقُّ أَنَّهُ وَرَدَ النَّصُّ بِتَفْضِيلِ بَعْضِ الرُّسُلِ عَلَى بَعْضٍ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [البقرة: 253] .
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِتَفْضِيلِ اللَّهِ لَهُ عَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ، مَعَ مُرَاعَاتِهِ لِعُلُوِّ مَرَاتِبِهِمُ الْبَاذِخَةِ وَجَلَالَةِ مَنَاصِبِهِمُ الشَّامِخَةِ، ثُمَّ أَعْلَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنَّهُ سَيِّدُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ وَأَفْضَلُ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، وَأَمَرَ بِتَبْلِيغِ ذَلِكَ فَبَلَّغَهُ كَمَا أُمِرَ، لِأَنَّ اعْتِقَادَ ذَلِكَ حَقٌّ لَازِمٌ وَفَرْضٌ جَازِمٌ مَعَ مُجَانَبَةِ التَّفْضِيلِ الْمُؤَدِّي إِلَى تَنْقِيصِ الْمَفْضُولِ، وَمُرَاعَاةِ عُلُوِّ تِلْكَ الْمَرَاتِبِ الَّتِي لَا تُدْرِكُ كُنْهَ حَقَائِقِهَا أَكْثَرُ الْعُقُولِ، فَالنَّبِيُّ الْمُصْطَفَى أَفْضَلُ الْخَلْقِ جَمِيعًا بِلَا خَفَاءٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 2  صفحه : 298
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست