responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 2  صفحه : 10
(الْخَامِسُ)
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا يَكُونُ السُّؤَالُ إِلَّا لِمُؤْمِنٍ أَوْ مُنَافِقٍ كَانَ مَنْسُوبًا إِلَى دِينِ الْإِسْلَامِ بِظَاهِرِ الشَّهَادَةِ بِخِلَافِ الْكَافِرِ. كَذَا قَالَ وَخَالَفَهُ فِي ذَلِكَ الْجُمْهُورُ، وَقَالَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الرُّوحِ: الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ تَدُلُّ عَلَى خِلَافِ هَذَا الْقَوْلِ بَلِ السُّؤَالُ لِلْكَافِرِ وَالْمُسْلِمِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} [إبراهيم: 27] وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنَّ فِي الْأَحَادِيثِ الْكَافِرَ وَالْفَاجِرَ وَاسْمُ الْفَاجِرِ فِي عُرْفِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ يَتَنَاوَلُ الْكَافِرَ قَطْعًا وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ} [المطففين: 7] . وَنَحْوُ هَذَا فِي كِتَابِ الْعَاقِبَةِ لِلْحَافِظِ عَبْدِ الْحَقِّ الْإِشْبِيلِيِّ وَصَوَّبَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي التَّذْكِرَةِ، وَانْتَصَرَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيُّ لِابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ.
وَمِثْلُ هَذَا مَا اخْتَارَهُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ وَالْحَافِظُ عَبْدُ الْحَقِّ الْإِشْبِيلِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَنَّ سُؤَالَ الْقَبْرِ لَيْسَ بِخَاصِّ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ بَلْ غَيْرُهَا تُسَاوِيهَا فِي ذَلِكَ وَجَزَمَ بِهِ أَيْضًا الْقُرْطُبِيُّ فِي التَّذْكِرَةِ، وَقَالَ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ: إِنَّهُ خَاصٌّ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ، وَتَوَقَّفَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَانْتَصَرَ السُّيُوطِيُّ فِي هَذَا لِلْحَكِيمِ التِّرْمِذِيِّ، قَالَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الرُّوحِ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ: وَالظَّاهِرُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ كُلَّ نَبِيٍّ مَعَ أُمَّتِهِ كَذَلِكَ - يَعْنِي يُسْأَلُ عَنْهُ كَنَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أُمَّتِهِ - وَأَنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ فِي الْقُبُورِ بَعْدَ السُّؤَالِ وَإِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ كَمَا يُعَذَّبُونَ فِي الْآخِرَةِ بَعْدَ السُّؤَالِ وَإِقَامَةِ الْحُجَّةِ.
وَاسْتَدَلَّ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ عَلَى عَدَمِ السُّؤَالِ أَنَّ الْأُمَمَ قَبْلَ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَانَتِ الرُّسُلُ تَأْتِيهِمْ بِالرِّسَالَةِ فَإِذَا أَبَوْا كَفَّتِ الرُّسُلُ وَاعْتَزَلُوهُمْ وَعُوجِلُوا بِالْعَذَابِ. قَالَ فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرَّحْمَةِ أَمْسَكَ عَنْهُمُ الْعَذَابَ وَأَعْطَى السَّيْفَ حَتَّى يَدْخُلَ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ مَنْ دَخَلَ لِمَهَابَةِ السَّيْفِ ثُمَّ يَرْسُخَ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِهِ، فَمِنْ هُنَا ظَهَرَ النِّفَاقُ فَكَانُوا يُسِرُّونَ بِالْكُفْرِ وَيُعْلِنُونَ الْإِيمَانَ وَكَانُوا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي سِتْرٍ فَلَمَّا مَاتُوا قَيَّضَ اللَّهُ لَهُمْ فَتَّانَيِ الْقَبْرِ لِيُسْتَخْرَجَ أَمْرُهُمْ بِالسُّؤَالِ وَلِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ.
وَفِيمَا قَالَهُ مَقَالٌ مِنْ عِدَّةِ أَوْجُهٍ نَبَّهْتُ عَلَى بَعْضِهَا فِي الْبُحُورِ الزَّاخِرَةِ مِنْهَا مَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَوَّحَ اللَّهُ رُوحَهُ فِي كِتَابِهِ الْجَوَابِ الصَّحِيحِ لِمَنْ بَدَّلَ دِينَ الْمَسِيحِ أَنَّ

نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 2  صفحه : 10
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست