responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 407
لِأَنَّ الْإِيمَانَ إِنْ كَانَ قَوْلًا بِلَا عَمَلٍ فَهُوَ كُفْرٌ، وَإِذَا كَانَ قَوْلًا وَعَمَلًا بِلَا نِيَّةٍ فَهُوَ نِفَاقٌ، وَإِذَا كَانَ قَوْلًا وَعَمَلًا وَنِيَّةً بِلَا سُنَّةٍ فَهُوَ بِدْعَةٌ. ثُمَّ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - رَوَّحَ اللَّهُ رُوحَهُ -: الْإِيمَانُ الَّذِي أَصْلُهُ فِي الْقَلْبِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ شَيْئَيْنِ: تَصْدِيقُ الْقَلْبِ، وَإِقْرَارُهُ وَمَعْرِفَتُهُ، وَيُقَالُ لِهَذَا قَوْلُ الْقَلْبِ، قَالَ الْجُنَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: التَّوْحِيدُ قَوْلُ الْقَلْبِ، وَالتَّوَكُّلُ عَمَلُ الْقَلْبِ. فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ عَمَلِ الْقَلْبِ، وَقَوْلُهُ: ثُمَّ قَوْلُ الْبَدَنِ وَعَمَلُهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ عَمَلِ الْقَلْبِ، مِثْلَ حُبِّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَخَشْيَةِ اللَّهِ، وَيُحِبُّ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَإِخْلَاصِ الْعَمَلِ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ الَّتِي أَوْجَبَهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَجَعَلَهَا مِنَ الْإِيمَانِ.
ثُمَّ الْقَلْبُ هُوَ الْأَصْلُ، فَإِذَا كَانَ فِيهِ مَعْرِفَةٌ سَرَى ذَلِكَ إِلَى الْبَدَنِ بِالضَّرُورَةِ، لَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَخَلَّفَ الْبَدَنُ عَمَّا يُرِيدُهُ الْقَلْبُ ; وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ: " «أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلُحَتْ صَلُحَ لَهَا سَائِرُ الْجَسَدِ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ» " وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الْقَلْبُ مَلِكٌ، وَالْأَعْضَاءُ جُنُودُهُ، فَإِذَا طَابَ الْمَلِكُ طَابَتْ جُنُودُهُ، وَإِذَا خَبُثَ الْمَلِكُ خَبُثَتْ جُنُودُهُ - قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ -: قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ تَقْرِيبٌ، وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْسَنُ بَيَانًا، فَإِنَّ الْمَلِكَ وَإِنْ كَانَ صَالِحًا فَإِنَّ الْجُنْدَ لَهُمُ اخْتِيَارٌ قَدْ يَعْصُونَ بِهِ مَلِكَهُمْ، وَبِالْعَكْسِ فَقَدْ يَكُونُ فِيهِمْ صَلَاحٌ مَعَ فَسَادِهِ، أَوْ فَسَادٌ مَعَ صَلَاحِهِ بِخِلَافِ الْقَلْبِ، فَإِنَّ الْجَسَدَ تَابِعٌ لَهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ إِرَادَتِهِ قَطُّ، قَالَ: فَلَا بُدَّ فِي إِيمَانِ الْقَلْبِ مِنْ حَبِّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَأَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، قَالَ - تَعَالَى -: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: 165] أَيْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَفِي الْآيَةِ قَوْلَانِ قِيلَ يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ الْمُؤْمِنِينَ لِلَّهِ، وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا مِنْهُمْ لِأَوْثَانِهِمْ، وَقِيلَ يُحِبُّونَهُمْ كَمَا يُحِبُّونَ اللَّهَ، وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ مِنْهُمْ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ فَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ لَا يُحِبُّونَ الْأَنْدَادَ مِثْلَ مَحَبَّةِ الْمُؤْمِنِينَ لِلَّهِ، وَالْمُحِبَّةُ تَسْتَلْزِمُ إِرَادَةً، وَالْإِرَادَةُ التَّامَّةُ مَعَ الْقُدْرَةِ تَسْتَلْزِمُ الْفِعْلَ، فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الْإِنْسَانُ مُحِبًّا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مُرِيدًا لِمَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِرَادَةً جَازِمَةً مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ

نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 407
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست