responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 370
الْكُفَّارُ، وَالنُّصُوصُ عَلَى قَوْلِ أَهْلِ الْحَقِّ وَالْأَدِلَّةُ كَثِيرَةٌ جِدًّا. فَدَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَاتِّفَاقُ الْفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَخْلُدُ فِي النَّارِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ.
وَأَمَّا آيَةُ النِّسَاءِ {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} [النساء: 93] فَلَهَا نَظَائِرُ أَمْثَالُهَا مِنْ نُصُوصِ الْوَعِيدِ؛ كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [الجن: 23] وَقَوْلِهِ: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: 10] وَكَذَلِكَ مَا وَرَدَ مِنَ السُّنَّةِ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا خَالِدًا مُخَلَّدًا فِي نَارِ جَهَنَّمَ» " وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ، فَقَالَتْ فِرْقَةٌ: الْوَعِيدُ فِي حَقِّ الْمُسْتَحِلِّ لَهَا ; لِأَنَّهُ كَافِرٌ، وَأَمَّا مَنْ فَعَلَهَا غَيْرَ مُسْتَحِلِّهَا لَمْ يَلْحَقْهُ وَعِيدُ الْخُلُودِ، وَإِنْ لَحِقَهُ وَعِيدُ الدُّخُولِ. وَقَدْ أَنْكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هَذَا الْقَوْلَ، وَقَالَ: لَوِ اسْتَحَلَّ ذَلِكَ وَلَمْ يَفْعَلْهُ كَانَ كَافِرًا، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّمَا قَالَ مَنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا.
وَقَالَتْ فِرْقَةٌ أُخْرَى: الِاسْتِدْلَالُ بِنُصُوصِ الْوَعِيدِ هَذِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى ثُبُوتِ الْعُمُومِ، قَالُوا: وَلَيْسَ فِي اللُّغَةِ أَلْفَاظٌ عَامَّةُ، وَقَصْدُهُمْ تَعْطِيلُ هَذِهِ الْأَدِلَّةِ عَنِ اسْتِدْلَالِ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْخَوَارِجِ بِهَا، لَكِنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ تَعْطِيلَ جُمْلَةِ الشَّرْعِ، فَهُمْ رَدُّوا بَاطِلًا بِأَبْطَلَ مِنْهُ، وَبِدْعَةً بِأَقْبَحَ مِنْهَا، فَكَانُوا كَمَنْ رَامَ أَنْ يَبْنِيَ قَصْرًا فَهَدَمَ مِصْرًا.
وَقَالَتْ فِرْقَةٌ أُخْرَى: فِي الْكَلَامِ إِضْمَارٌ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِإِضْمَارِ الشَّرْطِ، وَالتَّقْدِيرُ: فَجَزَاؤُهُ كَذَا إِنْ جَازَاهُ، أَوْ إِنْ شَاءَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِإِضْمَارِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَالتَّقْدِيرُ: فَجَزَاؤُهُ كَذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَعْفُوَ.
وَقَالَتْ فِرْقَةٌ أُخْرَى: هَذَا وَعِيدٌ، وَإِخْلَافُ الْوَعِيدِ لَا يُذَمُّ بَلْ يُمْدَحُ، فَيَجُوزُ عَلَى اللَّهِ - تَعَالَى - إِخْلَافُ الْوَعِيدِ لَا إِخْلَافُ الْوَعْدِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْوَعِيدَ حَقُّهُ، فَإِخْلَافُهُ عَفْوٌ وَهِبَةٌ، وَإِسْقَاطُ ذَلِكَ مُوجِبٌ كَرَمَهُ وَجُودَهُ وَإِحْسَانَهُ، وَالْوَعْدُ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِوَعْدِهِ، وَاللَّهُ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ; وَلِهَذَا مَدَحَ بِهِ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيْثُ قَالَ:
نُبِّئْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَوْعَدَنِي ... وَالْعَفْوُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ مَأْمُولُ
وَتَنَاظَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ وَعَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ الْمُعْتَزِلِيُّ صَاحِبُ وَاصِلِ بْنِ عَطَاءٍ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ: يَا أَبَا عَمْرٍو لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ} [النساء: 93]

نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 370
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست