responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 168
{إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ - فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ - لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 77 - 79] وَقَالَ تَعَالَى {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ - فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ - فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ - مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ - بِأَيْدِي سَفَرَةٍ - كِرَامٍ بَرَرَةٍ} [عبس: 11 - 16] وَقَوْلُهُ تَعَالَى {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الزخرف: 4] فَالْجَوَابُ أَنَّ كَوْنَ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ مَكْتُوبًا فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ وَفِي الصُّحُفِ الْمُطَهَّرَةِ بِأَيْدِي الْمَلَائِكَةِ الْكِرَامِ لَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ جِبْرِيلُ نَزَلَ بِهِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، سَوَاءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ قَبْلَ أَنْ يُرْسِلَ بِهِ جِبْرِيلَ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِذَا كَانَ قَدْ أَنْزَلَهُ مَكْتُوبًا إِلَى بَيْتِ الْعِزَّةِ جُمْلَةً وَاحِدَةً لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَقَدْ كَتَبَهُ كُلَّهُ قَبْلَ أَنْ يُنَزِّلَهُ، قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ.
وَقَالَ: وَاللَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُ مَا كَانَ، وَمَا يَكُونُ، وَمَا لَا يَكُونُ وَلَوْ كَانَ كَيْفَ كَانَ يَكُونُ، وَهُوَ تَعَالَى قَدَّرَ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ، وَكَتَبَ أَعْمَالَ الْعِبَادِ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلُوهَا، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَآثَارِ السَّلَفِ، ثُمَّ أَنَّهُ يَأْمُرُ الْمَلَائِكَةَ بِكِتَابَتِهَا، بَعْدَمَا يَعْمَلُونَهَا فَيُقَابِلُ بَيْنَ الْكِتَابَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى الْوُجُودِ وَالْكِتَابَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ عَنْهُ فَلَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ.
هَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَغَيْرُهُ مِنَ السَّلَفِ، وَهُوَ حَقٌّ فَإِذَا كَانَ مَا يَخْلُقُهُ بَائِنًا عَنْهُ قَدْ كَتَبَهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُ فَكَيْفَ يَسْتَبْعِدُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ الَّذِي يُرْسَلُ بِهِ مَلَائِكَتَهُ مَكْتُوبًا قَبْلَ أَنْ يُرْسِلَهُمْ بِهِ.
وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ جِبْرِيلَ أَخَذَ الْقُرْآنَ مِنَ الْكِتَابِ، وَلَمْ يَسْمَعْهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، كَانَ هَذَا بَاطِلًا مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ كَتَبَ التَّوْرَاةَ لِمُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِيَدِهِ فَبَنُو إِسْرَائِيلَ أَخَذُوا كَلَامَ اللَّهِ مِنَ الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ أَخَذَهُ عَنْ جِبْرِيلَ، وَجِبْرِيلُ عَنِ الْكِتَابِ، كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَعْلَى مِنْ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِدَرَجَةٍ.
وَهَكَذَا مَنْ قَالَ أَنَّهُ أُلْقِيَ إِلَى جِبْرِيلَ مَعَانِي الْقُرْآنِ، وَإِنَّ جِبْرِيلَ عَبَّرَ عَنْهَا بِالْكَلَامِ الْعَرَبِيِّ، فَقَوْلُهُ يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ جِبْرِيلُ أُلْهِمَهُ إِلْهَامًا، وَهَذَا الْإِلْهَامُ لِآحَادِ الْمُؤْمِنِينَ، مَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي} [المائدة: 111] ، {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ} [القصص: 7] وَقَدْ أَوْحَى إِلَى سَائِرِ النَّبِيِّينَ، فَيَكُونُ هَذَا الْوَحْيُ الَّذِي يَكُونُ لِآحَادِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُؤْمِنِينَ أَعْلَى مِنْ أَخْذِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ عَنْ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِأَنَّ جِبْرِيلَ هُوَ الَّذِي عَلَّمَهُ لِمُحَمَّدٍ بِمَنْزِلَةِ الْوَاحِدِ مِنْ هَؤُلَاءِ.
وَلِهَذَا زَعَمَ بَعْضُ الصُّوفِيَّةِ أَنَّ خَاتَمَ الْأَوْلِيَاءِ أَفْضَلُ مِنْ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ، وَزَعَمَ أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ

نام کتاب : لوامع الأنوار البهية نویسنده : السفاريني    جلد : 1  صفحه : 168
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست