شرك المشركين الأولين ما كان إلا بعبادتهم الأولياء والصالحين
وبما أنك لا تزال مصراً على التمييز بين الفريقين في الحكم، وحجتك أو شبهتك (على الأصح) هي أن المشركين الأولين كانوا يتخذون من الأحجار أصناما وأوثانا يتقربون بها إلى الله، وأن القبوريين اليوم إنما يتوجهون إلى أولياء وصالحين، فأنا مستعد أن أزيل هذه الشبهة الضعيفة، فأثبت لك أن المشركين الأولين كانوا تماما، كالقبوريين الحاليين، لا يتوجهون بالذبح والنذر والطواف والدعاء إلا إلى عباد يعتقدون فيهم الصلاح والاستقامة من الآدميين، وأنهم ما كانوا- في حقيقة أمرهم - يعبدون إلا الأولياء والصالحين.
وأن التماثيل والأنصاب ما كانوا يعبدونها لذاتها وإنما يعبدون الأشخاص التي كانت هذه الأصنام والتماثيل والأنصاب ترمز إليهم وتسمى بأسمائهم (كيغوث ويعوق وود ونسرا وسواع واللات والعزى) .
أما الدليل على أن المشركين الأولين كانوا (كالقبوريين اليوم) يعبدون الأولياء والصالحين، ويتخذونهم آلهة من دون الله، فهو في القرآن الكريم، إلا أنكم لا تهتدون إليه، فقد خاطبهم الله تعالى جميعا بقوله:
{إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [1].
{مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [2]. [1] الأعراف: (194) [2] العنكبوت: (41)