responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فصل الخطاب في شرح مسائل الجاهلية - ت محب الدين الخطيب نویسنده : الآلوسي، محمود شكري    جلد : 1  صفحه : 223
للمخاطبين عَلَيه عليه السلام وإغراء لهم على معاداتِه، والتَّفَضلُ: طَلَبُ الفَضلِ، وهو كِنايَةٌ عنِ السِّيادَةِ، كأنَّه قِيلَ يُريدُ أنْ يَسودَكمْ ويتقَدَّمَكُمْ بادِّعاءَ الرِّسالة، معَ كَوْنهِ مِثْلَكمْ، {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً} [المؤمنون: 24] بيانٌ لِعَدَمِ رِسالةِ البَشَرِ عَلى الإِطلاقِ على زَعْمهم الفاسدِ، بَعْدَ تَحْقيقِ بَشَرِيَّتِهِ عليه السلام. أي وَلَو شَاءَ الله تعَالى إرسالَ الرُّسلِ، لأرْسَلَ رُسُلا مِنَ المَلائكةِ، وإنَّما قيلَ "لأنْزَلَ" لأنَّ إِرْسَالَ المَلائِكَةِ لا يكونُ إلا بطريقِ الإِنزال، {مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ} [المؤمنون: 24] هَذَا إشارة إلى الكلامِ المُتَضمِّنِ الأمرَ بعبادةِ الله عز وجل، خاصَّةً والكَلامُ على تقديرِ مُضافٍ أيْ ما سَمعنا بمثل هذا الكلامِ في آبائِنا الماضينَ قَبْلَ بعثتِه عليه السلام. وقُدِّرَ المضافُ لأنَّ عدمَ السَّماعِ لكلامِ نوحٍ المذكورِ لا يصلُحُ لِلرَّدِّ فإِنَّ السَّماعَ بِمِثْلِهِ كان في القَبولِ {إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ} [المؤمنون: 25] أيْ ما هو إلاَ رَجُلٌ به جُنُونٌ أو جِنٌّ يخْبُلونَهُ ولِذلِكَ يَقولُ ما يَقولُ، {فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ} [المؤمنون: 25] فاحْتَمِلوهُ واصْبِروا عليه وانْتَظِروا لَعَلَّهُ يَفيقُ مِمَّا هو فِيه مَحْمول على مَرامي أحْوالِهمْ في المُكابَرَةِ والعِنادِ، وإضرابُهُم عَمَّا وَصَفوه عليه السلام بِهِ مِنَ البَشَرِيَّة، وإرادَةِ التَّفَضُّلِ، إلى وصفِهِ بِما تَرَى، وهُم يَعْرِفونَ أنَّه عليه السلام أرجَحُ النَّاسِ عَقْلا، وأرْزَنُهُم قَولا، وهو مَحْمولٌ على تَناقُضِ مَقالاتِهم الفاسِدَةِ، قاتَلَهم الله تَعالى أنَّى يؤفَكونَ والقياسُ الفاسدُ والصَّحيحُ، والجامعُ والفارِقُ، مُفَصَّلا في كتبِ الأصول [1] فَبَيْنَ الرُّسلُ عليهم السلام وسائرِ النَّاسِ مُشابَهَة مِن جهةِ البشريَّةِ ولوازِمِها الضروريَّةِ، فيَصِحُّ حينئذٍ قياسُ الرُّسُلِ على غيرِهِم فيها، وعليه قولُه تَعالى [الكهف: 110، فصلت: 6] : {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} [فصلت: 6] وبَيْنَ الرُّسُلِ والأنبياءِ عليهم السلام وغيرِهِم مِن البَشَرِ فُروق كثيرة منها أنَّ الله تعالى اصْطفاهم على النَّاسِ بِرسالاتِه وبكلامِهِ ووحْيِهِ وخصهم بذلك، فَلا يُقاسُ أحَدٌ مِن النَّاسِ بِهِم حِينئذٍ مِن هذِهِ الجِهَةِ، كَما لاَ يَصِحُّ قياسُ غيرِهِم بِهم في سائر

[1] وأجود ما كتب في الاستدلال بالقياس، وتمييز صحيحه من سقيمه، كتاب (القياس في الشرع الإسلامي) لشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه الإمام ابن القيم، وقد طبعته المطبعة السلفية مرتين.
نام کتاب : فصل الخطاب في شرح مسائل الجاهلية - ت محب الدين الخطيب نویسنده : الآلوسي، محمود شكري    جلد : 1  صفحه : 223
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست