نام کتاب : فصل الخطاب في شرح مسائل الجاهلية - ت محب الدين الخطيب نویسنده : الآلوسي، محمود شكري جلد : 1 صفحه : 213
أَيْضًا عن جُنادةَ بنِ أبي أُميَّة، قال: دَخَلنا على عُبادةَ بنِ الصَّامِتِ وهو مريضٌ، فَقُلْنا: أصلَحَكَ الله، حَدِّثْ بِحَديثٍ يَنْفَعُكَ الله بِهِ سَمِعْتهُ مِن النبي صلى الله عليه وسلم، قالَ: «دَعانا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَبايَعَنا، فكان فيما أخَذَ عَلَينا: أنْ بايَعَنا على السَّمْعِ والطَّاعَة في مَنْشَطِنا وَمَكْرَهِنا وعُسْرِنا وَيُسْرِنا وأثَرَةٍ علينا، وأنْ لا نُنازعَ الأمرَ أهلَهُ، إلا أن تَرَوْا كُفْرًا بَواحًا عندكم من الله فيه برهانٌ» . والأحاديثُ الصحيحةُ في هذا البابِ كثيرة، ولم يقعْ خَلَلٌ في دِين النَّاسِ أو دُنياهُم إلاَّ من الإِخلال بِهذِه الوَصِيَّةِ.
[التقليد] التقليد (الرابعة) : أنَّ دِينَهم مَبْنيٌّ على أُصولٍ أعْظَمُها التَّقْليدُ، فهوَ القاعدةُ الكُبرى لجميعِ الكفَّارِ مِنَ الأوَّلينَ والآخِرين: كما قال تعالى في [الزخرف: 23- 24] : {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ - قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} [الزخرف: 23 - 24] فَأَمَرَهُمُ الله تعالى بقوله في [الأعراف: 3] : {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [الأعراف: 3]
وقالَ تَعالى: [البقرة: 170] : {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ} [البقرة: 170] إلى غير ذلكَ مِمَّا يَدُلُّ على أنَّ أهلَ الجاهِلِيَّة كانوا في رِبْقَةِ التقليدِ، لا يُحكِّمونَ لَهم رَأيًا، وَلاَ يُشْغِلونَ فِكرًا؛ فلِذلِكَ تاهوا في أودِيَة الجَهالَة. وهكذا كُلُّ مَنْ سَلَكَ مَسْلَكَهم في أيِّ عصرٍ كانَ.