أي لا تئدوا بناتكم خشية العيلة والفقر، فإني رازقكم وإياهم، وكان منهم من يفعل ذلك بالذكور خشية الفقر، ذكره القرطبي. وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه: " قلت: يا رسول الله، أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك. قلت: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك. قلت: ثم أي؟ قال: أن تزاني بحليلة جارك " [1] ثم تلا رسول الله صلي الله عليه وسلم {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [2].
وقوله: {وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [3] قال ابن عطية: " نهي عام عن جميع أنواع الفواحش، وهي المعاصي. و "ظهر" و "بطن" حالتان تستوفيان أقسام ما جعلتا له من الأشياء". انتهى.
وقوله: {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ} في الصحيحين.
عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا: " لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة " 4
وقوله: {ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [5] قال ابن عطية: " ذلكم " إشارة إلى هذه المحرمات والوصية الأمر المؤكد المقرر. وقوله: {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} {لعل} للتعليل أي إن الله تعالى وصانا بهذه الوصايا لنعقلها عنه ونعمل بها، وفي تفسير الطبري الحنفي: ذكر أولا " تعقلون " ثم " تذكرون " ثم " تتقون "؛ لأنهم إذا عقلوا تذكروا فخافوا واتقوا.
وقوله: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} [6] قال ابن عطية: هذا نهي عام عن القرب الذي يعم وجوه التصرف، وفيه سد الذريعة، ثم استثنى ما يحسن وهو السعي في نمائه. قال مجاهد: التي هي أحسن: التجارة فيه. وقوله: {حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} قال مالك وغيره: هو الرشد وزوال السفه مع البلوغ، [1] البخاري: الأدب (6001) , ومسلم: الإيمان (86) , والترمذي: تفسير القرآن (3182 ,3183) , والنسائي: تحريم الدم (4013 ,4014) , وأبو داود: الطلاق (2310) , وأحمد (1/380 ,1/431) . [2] سورة الفرقان آية: 69-70. [3] سورة الأنعام آية: 151.
4 البخاري: كتاب الديات (6878) : باب قول الله تعالى: (أن النفس بالنفس والعين بالعين) ، ومسلم: كتاب القسامة (1676) (25) : باب ما يباح به دم المسلم. [5] سورة الأنعام آية: 151. [6] سورة الأنعام آية: 152.