وأنا أذكر بعض ما أستدل به السلف في ذلك - فهم أعلم الناس بدلالات النصوص - فمن ذلك قوله تعالى:
1- «وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة» (البينة: 5)
وبهذه الآية استدل عليهم التابعي المشهور عطاء بن أبي رباح، وتبعه الشافعي والحميدي والإمام أحمد.
ففي قصة سالم الأفطس المرجئ، التي نقلناها سابقاً [1] يقول الراوي: فدخلت على عطاء بن أبي رباح في نفر من أصحابي، قلت: إن لنا حاجة فأدخلنا، ففعل، فأخبرته أن قوماً قبلنا قد أحدثوا، وتكلموا وقالوا: إن الصلاة والزكاة ليستا من الدين [2] .
فقال: أو ليس الله يقول:
«وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ» (البينة: 5)
فالصلاة والزكاة من الدين. وتبعه الشافعي فقال للحميدي: ما يحتج عليهم - يعني أهل الأرجاء - بآية أحج من قوله: «وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ ... » [3] الآية.
وتبعه الحميدي والإمام أحمد فقد روى الخلال عن عبد الله بن حنبل عن ابن اسحاق بن حنبل قال: قال الحميدي: " وأخبرت أن أقواماً يقولون: إن من أقر بالصلاة والزكاة والصوم والحج، ولم يفعل من ذلك شيئا حتى يموت، ويظل مسنداً ظهره مستدبر القبلة حتى يموت، فهو مؤمن - ما لم يكن جاحداً - إذا علم أن ترك ذلك فيه إيمانه، إذا كان مقراً بالفرض واستقبال القبلة.
فقلت: هذا الكفر بالله الصراح، وخلاف كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعل المسلمين، قال عز وجل: «حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ» . [1] في مبحث مؤسس الطائفة أول الباب الثالث. [2] أي من الإيمان، والمراد أنهم يقولون: أن الأقرار بالصلاة والزكاة هو وحده الإيمان دون العمل، كما جاء في آخر القصة حين قال الراوي لنافع: أنهم يقولون: نحن نقر بان الصلاة فرض ولا نصلي، وبأن الخمر حرام ونشربها، وأن نكاح الأمهات حرام ونحن ننكح، قال: فنتر يده من يدي، وقال: من فعل هذا فهو كافر. [3] رواه بسند ابن ابي حاتم الشافعي، ونقلها شيخ الإسلام في الإيمان، صلى الله عليه وسلم 196.