وذلك أن عبد الجبار خطب إلى أحد أصحابه - ويدعى ثعلبة - ابنته، فسأله ثعلبة أن يمهرها أربعة آلاف درهم، فأرسل - أي عبد الجبار - الخاطب إلى أم الجارية مع امرأة يقال لها أم سعيد، يسأل هل بلغت ابنتهم أم لا؟ وقال: إن كانت بلغت وأقرت بالإسلام لم أبال ما أمهرتها.
فلما بلغتها أم سعيد ذلك قالت: ابنتي مسلمة بلغت أم لم تبلغ ولا تحتاج أن تدعى إذا بلغت. فرد مرة أخرى ذلك عليها، ودخل ثعلبة على تلك الحال، فسمع بتنازعهما فنهاهما عنه، ثم دخل عبد الكريم بن عجرد وهما على تلك الحال فأخبره ثعلبة الخبر، فزعم عبد الكريم أنه يجب دعاؤها إذا بلغت، وتجب البراءة منها حتى تدعى إلى الإسلام، فرد عليه ثعلبة ذلك وقال: لا بل نثبت على ولايتها.... فبرئ بعضهم من بعض على ذلك [1] .
ومع انشقاق الضحاكية في مسألة المرأة، وما بني عليها من الفتوى انشقت أيضا فرقة تدعى (البيهسية) [2] وقد كان رأيها:
أ - أن ميمونا كفر حين حرم بيع المملوكة في دار كفار قومنا، وحين برئ ممن استحل ذلك.
ب - وكفر أهل الثبت حين لم يعرفوا كفر ميمون وصواب إبراهيم - وأهل الثبت الواقفة -.
ج - وكفر إبراهيم حين لم يتبرأ من أهل الوقف لوقفهم في أمرهم، وجحدهم الولاية عنه، وجحدهم الولاية من ميمون" [3] .
هكذا آل أمرهم في هذه المسألة، والمسائل مثلها كثير، وهو ما يعطي الحقيقة الواضحة عن منهج القوم الفكري وجبلتهم النفسية.
وهو المطلوب هنا ولنا عودة إلى هذا التشقق ونتائجه. [1] المقالات، ص 113. [2] نسبة إلى أبي بيهس هيصم بن جابر الصنبغي. انظر: رغبة الآمل شرح الكامل (7/241) [3] المقالات، ص 113، ثم ذكر كيف تشققت البيهسية فرقا يتبرأ بعضها من بعض!!