.. فالإيمان أنيط به الولاءُ والمحبة في الدنيا، وتكفل الله لأهله في الدنيا بالعزة وعدم الهوان، ووعدهم في الآخرة بالجنة والفلاح والرضوان. وأما الكفر فقد علق عليه البراء والبغض من المؤمنين، وأحكام الجهاد والقتال، وأوعد الله أهله في الآخرة بالنار والبَوار والخسران.
... وعلى أهمية هذا الموضوع وخطورة ما يُبنى عليه من الأحكام، فإن كثيرا من المنتسبين إلى العلم مرتبكون في مسائله، متخَبِّطون في قضاياه تخبُّطا عجيبا. وأشد الناس غلطا فيه قوم من المرجئة العصريين متلبسون بخليط من البدع والتناقضات في هذا الباب، مع أنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
... ومن هنا كانت الحاجة متأكدة إلى جمع شتات هذا الموضوع وتقديمه إلى شباب " الصحوة "، وطلبة العلم، والدعاة إلى الله، بأسلوب ميسر، ووفق منهج علمي متناسق.
... ولقد طالما تمنيت أن أجد متنا من متون العقائد، جامعا لمسائل الإيمان، ميسَّرا لمن رغب في حفظه، أو أراد تدريسه وتعليمه للمبتدئين، مع كونه موافقا لروح العصر، معبِّرا عن التطبيقات الواقعية لهذه المسائل. لكنني لم أجد بغيتي إلى هذا الحين.
... لذلك استعنت الله عز وجل في تأليف هذه» المنظومة الإيمانية «، التي حاولت أن أجمع فيها أهم مسائل الإيمان، وأغفلت ما ليس ذا فائدة مما كثر حوله الجدال العقيم. وضمنت ذلك في مائة بيت – غير المقدمة والخاتمة – من بحر الرجز، وسميتها: "قلائد العِقْيان من مسائل الإيمان".
... ثم لما رأيت أن النفع بها لا يتم إلا بشرحٍ يحُل ألفاظها، ويقيد مطلقها، ويخصص عمومها، ويوضح مقاصدها، شرعت – مستعينا بالرب جل ثناؤه – في هذا الشرح الذي قد أتوسع فيه في بعض المواضع، فأخرج عن المذكور في المنظومة، دون أن أهجر لب الموضوع، إذ ليست المنظومةُ مقصودةً لذاتها، ولكن المقصود هو فهم هذه المسائل والإحاطة بعلمها.
... وقد قسمت الشرح - تبعا للمنظومة - إلى الأبواب والفصول التالية:
شرح خطبة المتن.