يقدر، أو خاف بالبيان فتنة أكبر، فإنه معذور، لكن من لم يكن عنده مانع من البيان، وإنما كتم الحق من أجل رغبته هو ومصلحته هو، فهذا يلعنه الله ويلعنه اللاعنون.
فهذه صفة اليهود، وهي منطبقة على كل من كتم الحق، من أجل اتباع الهوى، ولم يبينه للناس، وإذا سئل عن حكم مسألة أجاب بغير الحق وهو يعرف الجواب الصحيح، فهذا من كتمان الحق، والله جل وعلا أمر بقول الحق ولو على النفس: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [النساء: 135] ، فيجب بيان الحق في الشهادات وفي غيرها.
وأشد من كتمان الشهادة: كتمان العلم، الذي هو حياة الناس وهدايتهم إلى الصراط المستقيم، فالواجب بيان الحق، وعدم المداهنة، ومن ذلك: إذا رأى الناس على باطل أو خرافات أو شرك، فإنه لا يسكت، بل يجب عليه أن يبين، ولا يترك الناس يقعون في عبادة القبور، وعبادة الأضرحة، ومزاولة البدع المضلة، ويسكت ويقول: ليس لي شأن بالناس، أو يرى الناس يتعاملون بالمعاملات المحرّمة ويسكت، فهذا كتمان للعلم وخيانة للنصيحة، فالله لم يعطك هذا العلم من أجل أن تسكت عليه، وإنما حمّلك إياه من أجل