الجاهلية، هم الذين يعظمون آثار العظماء، ويحافظون عليها ويصونونها، ثم تعبد من دون الله ولو على المدى البعيد.
فلا يقل قائل: الناس الآن على دين صحيح وعلى توحيد.
نقول: لا يقتصر على الوقت الحاضر، وإنما يجب النظر للمستقبل، مع أن الحاضرين لا تُؤمن عليهم الفتنة أيضاً، ولكن المستقبل أشد، فلا يجوز العناية بهذه الآثار، وما هلكت الأمم إلاّ بمثل هذا، وهو أنهم عظّموا آثار كبرائهم حتى صارت أوثاناً في المستقبل، فالواجب على المسلمين التنبه لهذا الأمر.
وذكر الشيخ شاهداً لذلك؛ دار الندوة في مكة، وهي مكان يجتمع فيه أكابر قريش؛ للتشاور في الأمور المهمة.
فلما جاء الإسلام وزالت الجاهلية، بقي مبنى دار الندوة على حاله إلى وقت معاوية رضي الله عنه للتملك والانتفاع بسكناها وتحويلها عن هيئتها، فاشترى هذه الدار من حكيم بن حزام رضي الله عنه، فلام الناس حكيماً على ذلك، قالوا: لِمَ بعت هذا الأثر من آثار أسلافنا، وبعت مكرمة قريش؟ قال: رضي الله عنه: ذهبت المكارم إلا التقوى. وهذا مأخوذ من قوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] هذا هو