وهذه المسألة مسألة كبيرة طويلة تبين لك إذا تأملتها في ألسنة الناس ترى من يعرف الحق ويترك العمل به لخوفِ نقص دنيا أو
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أركانه (وهو لا يفهمه. أو لا يعتقده بقلبه) أو فهمه ولكن لم يَنْقَد بجَناحه (فهو منافق، وهو شر من الكافر الخالص) فإن الكافر الخالص لأتى الشر من وجهه ولا خادَعَ ولا دلَّس ولا لبس وخان {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [1] يعني تحت الكفار؛ فهم أشرُّ من الكفار في الآخرة.
والنفاق مشتق من نافقاء اليربوع إذا خالف باب جُحره. وفي الشرع مخالفة الظاهر للباطن، أما في الاعتقاد كمن يقول باللسان ويعمل بالأركان ولكن مخالف بالجنان. فهذا نفاقٌ أكبر ناقلٌ عن الملة، وقد ذكر الله المنافقين في ثلاث عشرة آية من سورة البقرة، بخلاف الكافر الأصلي فإنه أهون كفراً من المنافق والكفار الأصليون ذُكِروا في آيتين من سورة البقرة.
والقسم الثاني نفاقٌ عملي، وهو ما ذكر في الحديث: "إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان" وصاحبه لا يكون مثل الأول، وهو أعظم من الكبائر؛ فإن جنس ما أتى في النصوص بتسميته كفراً أو نفاقاً فهو أعظم مما أتى أنه معصية متوعَّدٌ عليها بوعيد؛ لأن ذنب الشرك والنفاق أعظم من غيره وأقبح.
(وهذه المسألة) مسألة أن التوحيد لابد أن يكون بالقلب واللسان [1] سورة النساء، الآية: 145.