وله عليك بعض الحقوق، ومن هذه الحقوق: حق النصح، وحق التذكير والوعظ، وعدم التشهير، وعدم الفضح، وإلا أعنت الشيطان عليه، ثم هذا الإنسان العاصي نأمل ونرجو له الشفاعة -شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره- ولا سيما إذا كان عند الموت، فالأمل والرجاء في رحمة الله وفي مغفرته فهذه من الأسباب التي قد تفيد العاصي وترده إلى الجادة، فإنك إذا سألت بعض الناس، فإنه يقول لك: أنا لا تنفعني الشفاعة لأني غلطت وفعلت كذا وكذا، وكأنه يريد أن يقول: أنا أريد أن أستمر على المعصية، فإذا قلت له: إن الله تعالى يغفر الذنوب جميعاً، ويقبل توبة عبده فتب وأنب إليه، رغّبه فقد يكون من أسباب رجوعه هنا الترغيب. لكن إذا يأس في الدنيا والآخرة كما فعلت الخوارج والمعتزلة عندما يأست العباد، فكيف تريد منه أن يتوب؟ لكن أهل السنة والجماعة يرغبون الإنسان ويهدونه إلى الطريق المستقيم، ثم هم يعملون بالسنة، ويتبعون الحق.
فلو أن أهل الكبائر كلهم كفار ولا شفاعة لهم يوم القيامة، فلماذا النبي صلى الله عليه وسلم يقتل الرجل من الكفار؛ لأنه كافر، ويقتل الرجل من المسلمين؛ لأنه قتل، ثم يأخذ هذا حكم وهذا حكم، ويصلي على المسلم صلاة الجنازة ولا يصلي على الكافر ... ، إلى آخر الأحكام، وغيرها مثل: شارب الخمر، والزاني، والسارق، فهذا التفاوت دليل على تفاوت أحوال الناس، ولو كان الأمر كما يقول هؤلاء الناس، لكان حكم الجميع هو القتل، وهذا الكلام كافٍ لإيضاح مذهبأهل السنة والجماعة ومذهب المخالفين لهم.
الشَّفَاعَة لها شرطان: وبعض العلماء يذكر أكثر من ذلك، لكن الأمر يرجع إِلَى شرطين:
الأول: هو إذنُ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى للشافع، سواءً كَانَ هذا الشافع ملكاً، أو رَسُولاً، أو عبداً صالحاً، أو شهيداً، أو غير شهيد، أو مَنْ شاء الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- من الشفعاء.