ومذهب أهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ في مرتكب الكبيرة أنه في الدنيا لا يخرج من الملة وإنما يسلب عنه أسماء المدح فقط مثل التقوى والإيمان وغير ذلك، ومع ذلك يبقى له اسم الإيمان بمعنى الإسلام، ولا يخرج من الملة، وفي الآخرة يكون من أهل الشَّفَاعَة، ابتداءً من القوم الذين يغفر الله لهم أو يشفع فيهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أثناء الحساب، وانتهاءً بالجهنمين، وهم آخر من يخرج من النار، بعد أن يشفع الشفعاء كما سيأتي في حديث الشَّفَاعَة الطويل. فهذه هي الفرق والمذاهب في مسألة الشَّفَاعَة، وأما شفاعة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التي ذكرها الإمام الطّّحاويّ هنا فما هي إلا فرع واحد من أنواع الشَّفَاعَة.
قال الإمام الطحاوي رحمه الله تعالى:
[والشفاعة التي ادخرها لهم حق كما روي في الإخبار]
قال المصنف رحمه الله تعالى:
[الشفاعة أنواع: منها ما هو متفق عليه بين الأمة ومنها ما خالف فيه المعتزلة ونحوهم من أهل البدع.
النوع الأول: الشفاعة الأولى وهي العظمى، الخاصة بنبينا صلى الله عليه وسلم من بين سائر إخوانه من الأنبياء والمرسلين، صلوات الله عليهم أجمعين، ففي الصحيحين وغيرهما عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين أحاديث الشفاعة منها: عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: (أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَحْمٍ، فَدُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ، وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ، فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسَةً، ثُمَّ قَالَ أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهَلْ تَدْرُونَ مِمَ ذَلِكَ؟