شاء الله فحسن، لقول الله عز وجل: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [1]. وقد علم أنهم داخلون"[2].
ولا يتنافى هذا مع ما جاء عن بعضهم من كراهة ترك الاستثناء كما روي ذلك عن سفيان الثوري أنه ينكر ويكره أن يقول: أنا مؤمن[3]، وقد تقدم معنا عن جمع من السلف أنهم كانوا يعيبون من لا يستثني.
قال أبو عبيد: "وإنما كراهتهم عندنا أن يثبتوا الشهادة بالإيمان مخافة ما أعلمتكم في الباب الأول من التزكية والاستكمال عند الله، وأما على أحكام الدنيا فإنهم يسمون أهل الملة جميعاً مؤمنين؛ لأن ولايتهم وذبائحهم وشهاداتهم ومناكحتهم وجميع سنتهم إنما هي على الإيمان، ولهذا كان الأوزاعي يرى الاستثناء وتركه جميعاً واسعين"[4].
قلت: ولكن لما كان ترك الاستثناء شعاراً للمرجئة، ومتضمناً لتزكية النفس والثناء عليها وهذا منهي عنه شرعاً، فإني أرى أن لزوم الاستثناء أولى وأكمل، وأن لا يترك الاستثناء إلا إذا بين المقصود والمراد.
ولهذا كان الإمام أحمد لا يعجبه ترك الاستثناء[5]، بل قال مرة لحسين بن منصور من قال من العلماء: أنا مؤمن؟ قلت: ما أعلم رجلاً أثق به. قال: لم تقل شيئاً لم يقله أحد من أهل العلم قبلنا[6]. [1] سورة الفتح، الآية: 27. [2] رواه أبو عبيد في الإيمان (ص 69) وبنحوه الخلال في السنة (3/ 598) . [3] رواه الآجري في الشريعة (ص 38 1) ، وابن بطة في الإبانة (2/871) . [4] الإيمان (ص 68) . [5] رواه الخلال في السنة (3/598) . [6] رواه الخلال في السنة (3/ 566) .