ثم قال: لو كان هذا خيراً ما خصصتم به دون أسلافكم فإنه لم يدخر عنهم شيء خبيء لكم دونهم لفضل عندكم، وهم أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم الذين اختارهم الله له وبعثه فيهم ووصفه بهم فقال: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً..} [1]، إلى آخر السورة[2]،ا. هـ.
قلت: يرحمه الله ما أروع بيانه، وما أجود نصحه وتبيانه، ولا والله لا خير فيمن لم يسعه ما وسعهم فإنهم عن علم ثاقب وقفوا، وعن بصيرة نيرة كفوا، والخير كل الخير في اتباعهم.
ثم إن الآثار المروية عن السلف يرحمهم الله في ذم الإرجاء بعامة، وفي ذم ترك الاستثناء وذم سؤال الناس عن إيمانهم بخاصة كثيرة جداً، وكذلك النصوص عنهم في تبديع أهل هذه المسائل كثيرة، وسيأتي شيء منها في بحث قادم إن شاء الله تعالى.
ثم إنه لما خاض هؤلاء في هذه المسألة بباطل، وقلبوا فيها الأمور، وناقضوا الحقائق، لزم أهل الحق أن يتصدوا لهذا التيار وأن يجابهوا هذا الباطل بدحضه ورده وإحقاق الحق مكانه، لهذا كثر كلام أهل السنة في هذه المسألة وطال نقاشهم وردهم لهذا الباطل في كتبهم المفيدة ورسائلهم العديدة فنفع الله بها من شاء من خلقه.
وإني لأرجو الله أن يكون ما أكتبه هنا خرزة في ذلك العقد المبارك، فيه تهذيب لقول من سلف ونصر له، وإبطال لقول من خلف ودحض له، [1] سورة الفتح، الآية: 29. [2] رواه ابن بطة في الإبانة (2/ 882) ، والآجري في الشريعة (ص 42 1) ، والخلال في السنة (3/568) ، وذكره الذهبي في السير (8/543) ووصفه بأنه فصل نافع.