بالطاعة وينقص بالمعصية، وليس نقصانه عندنا شك فيما أمرنا بالتصديق به ولا جهل به؛ لأن ذلك كفر، وإنما هو نقصان في مرتبة العلم، وزيادة البيان كما يختلف وزن طاعتنا وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم وإن كنا جميعا مؤدين للواجب علينا"[1].
قلت: وقول أبي الحسن: " ... وإن كنا جميعا مؤدين للواجب علينا"متعقب بأن القائم بطاعة الله قد يكون قيامه بها تاماً كاملاً حيناً وقد يكون ناقصاً ضعيفاً مخلاً ببعض الواجبات حيناً آخر فلا يقال لهذا الأخير أنه أدى الواجب عليه من الإيمان وإنما يكون إيمانه ناقصاً بحسب ما قد ترك من واجبات الدين.
وقال في كتابه مقالات الإسلاميين: "جملة ما عليه أهل الحديث والسنة.. فذكر أموراً ثم قال: ويقرون بأن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص..إلى أن قال: فهذه جملة ما يأمرون به ويستعملونه ويرونه، وبكل ما ذكرنا من قولهم نقول وإليه نذهب، وما توفيقنا إلا بالله وهو حسبنا ونعم الوكيل، وبه نستعين وعليه نتوكل وإليه المصير"[2].
وبهذه النقول الجميلة والأقوال الجليلة نعلم أن أبا الحسن الأشعري صار سنياً سلفياً بعد أن كان من أهل الأهواء، وإلا فما الذي صار إليه إن لم يكن ما تركه هوى وابتداعاً[3]. [1] رسالة إلى أهل الثغر (ص 272) . [2] مقالات الإسلاميين (ص 290- 297) . [3] انظر ما ذكره ابن كنير في كتابه طبقات الشافعية في ترجمة أبي الحسن الأشعري أنه تقلب في ثلاثة أطوار: الاعتزال ثم الكلابية ثم عقيدة أهل السنة، وانظر إتحاف السادة المتقين (2/ 4) وانظر الفتاوى لابن تيمية (3/ 228) .