من جدعاء" [1]، فالمجتمعة الخلق بعد الجدع لا تبقى مجتمعة، ولكن لا يلزم زوال بقية الأجزاء، فدعواهم أنه إذا زال بعض المركب زال بعضه الآخر ليس بصواب، وإن كان يسلم لهم أنه ما بقي إلا بعضه لا كله، وأن الهيئة الاجتماعية ما بقيت كما كانت.
الرابع: أن المركبات في ذلك على وجهين:
أحدهما: ما يكون التركيب شرطاً في الإطلاق الاسم عليه.
ثانيهما: ما لا يكون التركيب شرطاً في إطلاق الاسم عليه.
ومثال الأول: السكنجبين والعشرة، فإن هذا النوع يزول عنه اسمه عند زوال بعض أجزائه منه، ولا يطلق الاسم إلا على الهيئة المركبة مجتمعة.
ومثال الثاني: جميع المركبات المتشابهة الأجزاء، وكذلك كثير من المختلفة الأجزاء فإن المكيلات والموزونات تسمى حنطة وهي بعد النقص حنطة، وكذلك التراب والماء.. ونحو ذلك.
وكذلك لفظ العبادة والطاعة والخير والحسنة والإحسان والصدقة والعلم نحو ذلك مما يدخل فيه أمور كثيرة يطلق الاسم على قليلها وكثيرها وعند زوال بعض الأجزاء وبقاء بعض الأجزاء، وكذلك لفظ القرآن فيقال على جميعه وعلى بعضه، ولو نزل قرآن أكثر من هذا لسمي قرآناً، وكذلك لفظ الذكر والدعاء يقال للقليل والكثير وكذلك لفظ الجبل والنهر والبحر والدار والقرية ونحو ذلك يقال على الجملة المجتمعة، ثم [1] رواه البخاري (2/ 97) ، ومسلم (4/2047) .