العلم الواجب عليه بل يتبع هواه فلا يتعلم الواجب عليه ولا يعمل به.
فهؤلاء الثلاثة وإن اشتركوا في الوجوب، فإنهم متفاوتون في الإيمان تفاوتاً عظيماً فالأول منهم وهو الذي طلب علم التفصيل وعمل به إيمانه أكمل من إيمان الثاني الذي عرف ما يجب عليه والتزمه وأقرّ به، لكنه لم يعمل به وهو خائف من عقوبة ربه على ترك العمل معترف بذنبه، وهذا الثاني إيمانه أكمل من إيمان الثالث الذي لم يطلب معرفة ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم ولا عمل بذلك ولا هو خائف أن يعاقب، بل هو في غفلة عن تفصيل ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع أنه مقر بنبوته باطناً وظاهراً.
وهذا التفاوت بينهم في الإيمان إنما هو فيما وقع منهم، لا في ما أمروا به لأنهم متساوون في وجوبه عليهم جميعاً، وبهذا يتبين أن الإيمان يزيد وينقص من جهة قيام المؤمنين به ووقوعه منهم، فكلما علم القلب ما أخبر به الرسول فصدقه، وما أمر به فالتزمه، كان ذلك زيادة في إيمانه على من لم يحصل له ذلك، وإن كان معه التزام عام وإقرار عام، وكذلك من عرف أسماء الله ومعانيها، فآمن بها، كان إيمانه أكمل ممن لم يعرف تلك الأسماء بل آمن بها إيماناً مجملاً، أو عرف بعضها، وكلما ازداد الإنسان معرفة بأسماء الله وصفاته وآياته، كان إيمانه به أكمل.
وبالجملة فإنه كلما ازداد المسلم قياماً بأوامر هذا الدين والتزاماً لأحكامه، زاد إيمانه بذلك، وكان أكمل من غيره ممن لم يقم بذلك، وهذه الزيادة في الإيمان إنما وقعت من جهة قيام المؤمنين به ووقوعه منهم.