ما هم عليه من عبادة الكواكب من دون الله تعالى[1].
وهذه مهارة ودهاء وحكمة منه عليه السلام، إذ جعلهم بأنفسهم يقيمون الحجة على أنفسهم، ووضع أيديهم على مواطن الضعف منهم، وظهر لهم في موقف الباحث لئلا ينفروا منه، حتى أبطل حججهم، وأظهر باطلهم، وبعد ذلك أعلن لهم عقيدته الحقة، وبراءته منهم ومن شركهم، وولاءه وتوحيده لله تعالى وحده لا شريك له، وثقته به سبحانه، وعدم خوفه مما يشركون، وأن الخوف لهم وفيهم لشركهم بالله تعالى وعبادتهم غيره، وهذه القوة في الحجة والبلاغة في البرهان نعمة وفضل تفضل الله به خليله إبراهيم عليه السلام[2].
وفي هذه الآيات وعد بالأمن والهداية من الله تعالى لنبيه إبراهيم عليه السلام ولكل موحد، وذلك في قوله تعالى: {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} ، وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم المقصود بالظلم في الآية، حين شق ذلك على أصحابه رضي الله عنهم وقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: وأينا لم يظلم نفسه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس بالذي تعنون، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح: [1] انظر تفسير البغوي 4/ 30. [2] انظر بداية والنهاية لابن كثير 1/ 134 – 135، والتفسير لابن كثير 2/ 150 – 153، وكتاب دعوة الرسل لمحمد أحمد العدوي ص 44.