وحين رأى إبراهيم عليه السلام إصرار أبيه على الكفر، وإعراضه وعداءه للحق، وعدم استجابته لدعوته، عند ذلك أعلن البراءة منه، كما بينت ذلك الآية التي سبق ذكرها، وكما جاء في قوله تعالى: في براءته عليه السلام مما كان أبوه وقومه: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [1].
وهذه البراءة التي أعلنها الخليل عليه السلام من الشرك وأهله، وأولهم أقرب الناس إليه أبوه، هذه البراءة من أول لوازم تحقيق التوحيد وإخلاصه لله عز وجل، وهي مرتبة عالية يصل إليها من رزقه الله تعالى إيماناً صادقاً وعملاً صالحاً خالصاً لله وحده، وكلمة التوحيد لا إله إلا الله معناها الولاء والبراء، وهي العروة الوثقى، قال الله تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [2]. وقد أولى القرآن الكريم والسنة النبوية عقيدة الولاء والبراء اهتماماً كبيراً، قال الله تعالى: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [1] الآية (26) من سورة الزخرف. [2] الآية (256) من سورة البقرة.