عزَّ وجل: {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى} [1]. وقال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْء} [2].
وبهذا يتضح أن الأصل هو التوحيد الموافق للفطرة والشرك طارئ حادث، وأن الدعوة إلى التوحيد دعوة بالناس إلى الأصل الذي كانوا عليه، والفطرة التي فطرهم الله عليها، والشرك خروج عن ذلك وانحراف عنه، ولذلك اقتضت حكمة الله الحكيم الخبير أن يبعث أنبياءه ورسله وينزل الكتب للعودة بالبشرية إلى هذا المنهج القويم، وحمايتها من كل انحراف عنه وأول ذلك وأخطره الشرك بالله تعالى.
3- من الدروس والعبر في عودة نوح عليه السلام: أن أول شرك ظهر في الأرض كان سببه الغلو في الصالحين، وتجاوز الحد في تعظيمهم، ولا يزال كذلك إلى يومنا هذا سبباً في وقوع كثير من الناس في الشرك بالله تعالى، والمطية الأولى التي يركبها الشيطان لفتنة بني آدم في دينهم وإيقاعهم في الشرك، وأول وسائله إلى ذلك تزيين إقامة الأنصاب والتماثيل والصور حتى يتعلقوا بها ثم لا يزال بهم حتى يعبدوها، كما جاء في الحديث عن عائشة رضي الله عنها أن أم سلمة رضي الله عنها ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتها بأرض الحبشة يقال لها: مارية، فذكرت له ما [1] الآية (14) من سورة الحشر. [2] الآية (159) من سورة الأنعام.