مستند. فهذا النوع لا يجوز لأنه تهجم على كلام رب العالمين، والقاعدة المعروفة عند علماء السلف: أنه لا يجوز صرف شيء من كتاب الله، ولا سنة رسوله عن ظاهره المتبادر منه إلا بدليل يجب الرجوع إليه" [1].
وقد ذكر شارح الطحاوية هذه المعاني الثلاثة، فقال عن المعنى الثالث منها: "والتأويل في كلام المتأخرين من الفقهاء والمتكلمين هو صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدلالة توجب ذلك. وهذا هو التأويل الذي تنازع الناس فيه، فيه كثير من الأمور الخبرية والطلبية. والتأويل الصحيح منه الذي يوافق ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة، وما خالف ذلك فهو التأويل الفاسد"[2].
والتأويل بالمعنى الثالث طغى على المعنيين الآخرين، وكتب له من الذيوع والانتشار بين الفقهاء والأصوليين والمتكلمين بحيث أصبح هو المتبادر إلى الذهن عند سماع لفظ التأويل، مع أنه لم يكن معروفاً بلغة العرب، ولا عند السلف[3].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- عن المعنى الثالث: "وهذا التأويل لا يكون إلا مخالفاً لما يدّل عليه اللفظ ويبيّنه.
وتسمية هذا تأويلاً لم يكن في عرف السلف، وإنما سمى هذا وحده تأويلاً طائفة من المتأخرين الخائضين في الفقه وأصوله والكلام، وظنّ هؤلاء أنّ قوله: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاّ اللَّه} [4] يراد به هذا المعنى، ثمّ صاروا في هذا التأويل على طريقين؛ قوم يقولون: إنه لا يعلمه إلا الله. وقوم يقولون: إنّ الراسخين في العلم يعلمونه. وكلا الطائفتين مخطئة؛ [1] منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات ص33-34.وانظر أضواء البيان 1/330. [2] شرح العقيدة الطحاوية ص235. [3] انظر قسم الدراسة في تحقيق قانون التأويل/ محمد السلماني ص234. وابن تيمية وقضية التأويل ص133. [4] سورة آل عمران، الآية [7] .