أصلاً؟ ونحن لا يخفي علينا الجواب الصحيح عن هذا السؤال إن كنت لا تعرفه) [1].
وهذه الطريقة المقنعة التي سلكها الشيخ -رحمه الله- تستعمل في كلّ تأويل فروا إليه خشية المشابهة؛ فإذا لم يقولوا فيه كما يليق بجلاله لزمتهم مشابهة الخالق بالمخلوق، ووقعوا فيما فروا منه. وحينئذ نقول لهم: نحن نثبت الصفات لله، ونقول: كما يليق بجلاله، وهذه صفات أثنى الله بها على نفسه، وتعبدنا بتلاوتها كما أوضح ذلك كله الشيخ الأمين رحمه الله تعالى.
وقد سبق الشيخ الأمينَ إلى سلوك هذه الطريقة شيخُ الإسلام ابنُ تيمية في رده على المؤولة[2]. وهذا من الأدلة الجلية على اقتداء الشيخ الأمين -رحمه الله- بسلفه الصالح من العلماء الأجلاء الذين ردوا على من انحرف عن الطريق المستقيم، وجادلوا من عاند منهم، وقارعوا حججهم الواهية الباطلة بحجج في غاية القوة والوضوح والإقناع.
ولم يكتف الشيخ الأمين -رحمه الله- بإيراد تلك الحجة الظاهرة الساطعة البيان رادا بها هذا التأويل، بل نجده -رحمه الله- يفرد مبحثا مستقلا لمناقشة المتكلمين في ردهم صفة الاستواء، يقيم فيه عليهم الحجة بمقتضى قواعدهم التي قعدوها لنفي معاني الصفات التي لا توافق أهواءهم؛ فهم يقولون: لو كان الله مستويا على العرش لكان مشابها للخلق، لكنه غير مشابه للخلق، فهو غير مستوٍ على العرش. وبهذه الطريقة القياسية نفوا صفة الاستواء الثابتة في سبعة مواضع من كتاب الله تعالى.
يقول -رحمه الله- موضحاً ذلك: (نحبّ أن نذكر كلمة قصيرة لجماعة قرؤوا في المنطق والكلام، وظنوا نفي بعض الصفات من أدلة كلامية؛ كالذي [1] أضواء البيان 7/454- 455. وانظر: منهج ودراسات ص50. [2] راجع العقيدة التدمرية ص45- 46.