نام کتاب : جلاء العينين في محاكمة الأحمدين نویسنده : ابن الآلوسي جلد : 1 صفحه : 473
وظهر في النار، كما قال ابن عباس في قوله تعالى: {أن بورك من في النار} يعنى تبارك وتعالى نفسه، كأن نور رب العالمين في الشجرة، وفي رواية عنه قال: وكانت تلك النار نوراً، وكان الله تعالى في النور، ونودى موسى من النور. وقد صح ((حجابه النار، وحجابه النور)) والكل صحيح، فإن الله تعالى له تجلى الجلال والجمال. وإنما سمى حجاباً لكونه حجاباً على غيب الذات والهوية، فلا تشهد الذات المقدسة إلا في مظهر ومن حولها موسى والملائكة الحاضرين ثمة.
وقال بعض المحققين: المراد ((بمن)) هنا أيضاً هو الله تعالى، أى بورك من تجلى في النار، ومن تجلى فيما حولها من سائر الأكوان، لقوله تعالى: {فأينما تولوا فثم وجه الله} هو صحيح أيضاً.
ولما كان التجلى في المظهر يوم التقيد بالصورة والمكان والجهة قال تعالى إزالة لهذا التوهم: {وسبحان الله} نزهه عن التقيد بالصورة والمكان والجهة. وإن ناداك من النار من شاطئ الوادى الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة لكونه موصوفاً بوصف رب العالمين. وما هو كذلك لا يكون ظهوره في مظهر ما موجباً للتقيد بذلك، لأن رب العالمين له إلا الإطلاق الحقيقى الذى لا يقابله تقييد القابل لكل قيد شاء الظهور فيه، فيكون منزهاً عن التقيد بذلك في عين ظهوره فيه. ولهذا قال: يا موسى إنه - أى المنادى المتجلى في هذه البقعة المباركة أنا الله العزيز. ومقتضى العزة ان لا أكون متقيداً بهذا المظهر، ولكنى الحكيم، ومقتضى الحكمة الظهور في صورة مطلوبك. ووجه الشهادة أن الآية قد دلت بظاهرها الذى فسرها به ابن عباس ترجمان القرآن: أن الله تعالى هو المتجلى في النار بمقتضى حكمته، وانه منزه عن التقييد بذلك لربوبيته وعزته. فإذا رؤى يرى بلا كيف يقيد، وإن ظهر في مظهر له كيف. والله أعلم.
نام کتاب : جلاء العينين في محاكمة الأحمدين نویسنده : ابن الآلوسي جلد : 1 صفحه : 473