نام کتاب : تاريخ الفكر الديني الجاهلي نویسنده : الفيومي، محمد إبراهيم جلد : 1 صفحه : 384
بناء البيت والدعوة إلى التوحيد:
رأينا من عرضنا السابق لتاريخ المنطقة العربية وخاصة شبه الجزيرة العربية أنها لم تكن معزولة عمن حولها: سياسيا، اقتصاديا، ثقافيا، أو دينيا، فرأينا كيف قامت هنا أو هناك تحت إشراف الكنيسة التي أنشأتها وساعدت على قيامها مدارس وميول مذهبية، وهكذا كنا نرى أنها لا تكاد توجد إلا ويعطل رئتيها الهواء، وهذه المدارس الوليدة كانت صبغة دينية ولسانها لا يرطن بغير السريانية لغتها القومية.
وقد تجمعت هذه العداوة: في غزو "عرب الحيرة" للغساسنة، وفي غزو "الغساسنة" لأهل الحيرة، حتى في الأيام التي لم يكن فيها قتال بين الفرس والروم، مما أدى أحيانا إلى: تكدير صفو السلم، الذي كان بين البيزنطيين والساسانيين[1].
أما ملوك "الساسانيين" فقد كانوا يتاجرون مع العرب، يشترون منهم، ويبيعونهم ويرسلون القوافل بأسمائهم إلى العربية الجنوبية؛ لبيع ما تحمله في أسواقها، ولشراء سلع العربية الجنوبية يحملونها إلى أسواق العراق، وقد كانوا يوكلون حراستها إلى جماعة يختارونهم من سادات القبائل المهيبين المعروفين بِجُعْل يدفعونه لهم[2].
ويظهر من روايات أهل الأخبار أن جماعة من أهل مكة قد تخصصت بالاتجار مع العراق، وقد كان لها تعامل مع "كسرى"؛ وربما مع كبار رجال دولته أيضا، من أولئك الذين اقتدوا بملوكهم في الاشتغال بالتجارة وبالنزول إلى الأسواق.
فإنا نجد أناسا من كبار تجار مكة كانوا يفدون على المدائن، ويتصلون بديوان "كسرى"، ويتعاملون هناك بيعا وشراء. وكانت لهم دالة على ملك المدائن، وربما كان يساعدهم هو نفسه في مال القوافل، أو يجعل له نصيبا من الأرباح[3]. [1] المصدر السابق جـ2 ص631. [2] المصدر السابق جـ2 ص632. [3] المصدر السابق جـ2 ص633.
نام کتاب : تاريخ الفكر الديني الجاهلي نویسنده : الفيومي، محمد إبراهيم جلد : 1 صفحه : 384