responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الفكر الديني الجاهلي نویسنده : الفيومي، محمد إبراهيم    جلد : 1  صفحه : 21
فمنهم الذين دعوا إلى عبادة الكواكب، وربطوا مصير الإنسان بمطالعها وإن ميلاده مرتبط بالمصادفة، فهو إن صادف ميلاده سعودًا في طالعه فهو سعيد، وإن صادف نحوسًا في طالعه فهو نحس أو شقي، فعبادة الكواكب خلفت: مشاكل الجبر، والتسيير، والمصادفة، والحظ، وفيها مصادرة حقيقية لحرية الإنسانية، وأصبح الوجود معها يشكل حرجًا في الوجود الإنساني، ومع ذلك عبدها الإنسان، واستلطف الارتماء في أحضانها، واستعذب شقاءه في عبادتها، فجبلته على رضا فيه معنى المذلة حين منحها الإنسان معنى المقدس الذي لا رد فيه ولا مراجعة.
ومع ذلك وجد من الإنسان من ثار على ذلك النوع من العبادة، ورد للإنسان حريته واعتباره، فاستحدث السحر؛ ليلغي به سيطرة الكواكب عليه وعلى مصيره.
وبالسحر استطاع الإنسان أن يعلن سيطرته على الأرواح ومدى قدرته على تسخيرها، ألهمته عرفانا بالغيب وأعانته على قضاء حوائجه، فغير بها من مستقبله ورفع بها من عظمته، وألغى من حياته سيطرة الكواكب عليه، وبوساطة السحر استبانت قدرة الإنسان في تمرده على عبادته.
ولأول مرة تقع دولة الأرواح مستعمرة للإنسان، يجندها لخدمته، ولا تقوى على النفور منه إلا برسالة إلهية، قام بها نبي الله موسى، وذلك حينما بات الناس في خوف وعدم أمن من كيد السحرة، فرهبهم الناس، أي وقع الناس -وهم يفرون من سيطرة الكواكب- في أسر السحرة، ودخل الإنسان مرة ثانية تحت سيطرة الإنسان وهو من نوعه وجنسه، خوفا من سحر السحرة وألاعيبهم، وبه اقتناع أن عبادة الأرواح أصبحت غير مجدية إلا عن طريق سحرة وإرضاء أهوائهم فأصبح السحر يؤدي إلى نوع من الاستعباد للإنسان.
ومن ثم اقتضت الحكمة الإلهية -وهي دائما تقف بجانب الحرية الإنسانية- أن ترسل رسولا؛ ليبطل كيد السحرة ويحقق الحرية الإنسانية التي لا تدين لغير الله.
ودائما رسالة الله ترعى الإنسان في حريته وفي عبادته وما توحي به لا سيطرة لأحد عليه، وليس عليها قيم سوى كتاب، وأما من يدعي القوامة على كتابه فإنه يدفعه إلى ذلك حبه النفسي لأن يكون شيئا في الهيئة الاجتماعية.

نام کتاب : تاريخ الفكر الديني الجاهلي نویسنده : الفيومي، محمد إبراهيم    جلد : 1  صفحه : 21
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست