responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات نویسنده : ابن الوزير    جلد : 1  صفحه : 255
وَهنا تَحْقِيق بَالغ وَهُوَ أَن مُرَاد أهل السّنة فِي مَسْأَلَة الارادة أَن يكون الله تَعَالَى غَالِبا غير مغلوب كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَالله غَالب على أمره} وَلم يصادم هَذِه الْقُدْرَة الْمُعْتَزلَة إِنَّمَا خالفوا فِي الْعبارَة حَيْثُ قَالُوا إِن الله تَعَالَى إِنَّمَا أَرَادَ مُجَرّد تَعْرِيض الاشقياء للخير فقد حصل مُرَاده الَّذِي هُوَ التَّعْرِيض فَلم يكن مَغْلُوبًا على مُرَاده كَمَا مضى وَمَا يرد عَلَيْهِ قَالُوا وَأَرَادَ تَمْكِين الْعباد مَعَ علمه بِأَنَّهُ يكون وَسِيلَة إِلَى الْمعاصِي فقد أَرَادَ عِنْدهم سَببهَا لعلمه بذلك بل أجَاز جمهورهم أَن يَبْتَلِي الله تَعَالَى الْمُكَلّفين بعد تَمام التَّكْلِيف بِزِيَادَة فِي خلق الشَّهَوَات وَالشَّيَاطِين ومضلات الْفِتَن بِحَيْثُ تقع عِنْدهَا الْمعاصِي وَهُوَ يعلم أَنه لَو لم يفعل ذَلِك أطيع وَمَا عصى وَهَذَا هُوَ الاضلال الَّذِي تجيزه الأشعرية وتظن الْمُعْتَزلَة أَنَّهَا تَمنعهُ وَهُوَ الَّذِي قد يُسَمِّيه بعض الأشعرية ارادة لوُقُوع الْمعاصِي أَولهَا وَإِنَّمَا اخْتلفت عباراتهم فانهم الْجَمِيع قد اتَّفقُوا على نفي الْجَبْر وعَلى ثُبُوت الِاخْتِيَار وعَلى أَن الله تَعَالَى ملك عَزِيز غَالب غير مغلوب وعَلى أَن الاضلال إِن كَانَ من جنس الْعُقُوبَات لَا من جنس الِابْتِلَاء والامتحان لم يكن إِلَّا بعد الِاسْتِحْقَاق بِالذنُوبِ كعقاب الْآخِرَة لقَوْله تَعَالَى {وَمَا كُنَّا معذبين حَتَّى نبعث رَسُولا} فلولا اللجاج فِي المراء وَتمكن التعادي فِي الْقُلُوب لكانوا فرقة وَاحِدَة واجتمعوا على جِهَاد أعدائهم من الْكفَّار الْمَلَاحِدَة
وسر هَذَا التَّحْقِيق أَنه لَا خلاف أَن سَبَب الْمعاصِي مُرَاد وَهُوَ خلق الْقُدْرَة والتمكين والتكليف لكنه لَيْسَ بجبر مَحْض بل الظَّاهِر فِي سَبَب الشَّرّ أَنه شَرّ فَمن نفى الْحِكْمَة قَالَ هُوَ مُرَاد لنَفسِهِ وَمن أثبتها قَالَ لابد من مُرَاد آخر وَهُوَ الْمُسَمّى المُرَاد الأول وغرض الْغَرَض فَمن قَالَ هُوَ الْجنَّة فِي حق الْكفَّار ورد عَلَيْهِ أَن علم الْغَيْب يمْنَع من طلب حُصُول مَا علم أَنه لَا يحصل وَمن قَالَ هُوَ التَّعْرِيض لذَلِك ورد عَلَيْهِ أَن التَّعْرِيض لَيْسَ بِخَير مَحْض مَعَ الْعلم أَنه سَبَب حُصُول نقيض الْمَقْصُود وَمن قَالَ الْمعاصِي فَهُوَ أَجْهَل لِأَن سَببهَا لم يكن شرا إِلَّا لأَجلهَا فَثَبت أَنه اقامة الْحجَّة فِي الظَّاهِر وَتَأْويل الْمُتَشَابه فِي الْبَاطِن وَالْحق أَنه لَا يُعلمهُ إِلَّا الله كَمَا تقدم بدلائله

نام کتاب : إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات نویسنده : ابن الوزير    جلد : 1  صفحه : 255
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست