رحمه الله:
(وهذا من أعظم ما يبين معنى لا إله إلا الله فإنه لم يجعل التلفظ بها عاصماً للدم والمال، بل ولا معرفة معناها مع لفظها، بل ولا الإقرار بذلك، بل ولا كونه لا يدعو إلا الله وحده لا شريك له، بل لا يحرم ماله ودمه حتى يضيف إلى ذلك الكفر بما يعبد من دون الله فإن شك أو توقف لم يحرم ماله ودمه) [1] .
ومن هنا نعلم فساد عقيدة المرجئة [2] : الذين يقولون: إن الإيمان هو المعرفة فقط والكفر هو الجهل فقط وأخروا العمل عن الإيمان.
ومن المعلوم أن كفار مكة قد علموا مراد النبي صلى الله عليه وسلم من كلمة لا إله إلا الله فأبوا واستكبروا ولم يك ينفعهم إيمانهم بأن الله واحد رازق محي مميت. ولما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم قولوا: لا إله إلا الله قالوا:
{أجعل الألهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب { [سورة ص: 5] .
(فإذا عرفت أن جهال الكفار يعرفون ذلك، فالعجب ممن يدعي الإسلام، وهو لا يعرف من تفسير هذه الكلمة ما عرفه جهال الكفار، بل يظن أن ذلك هو التلفظ بحروفها من غير اعتقاد القلب بشيء من المعاني، والحاذق من يظن أن معناها: لا يخلق ولا يرزق ولا يحيي ولا يميت ولا يدبر الأمر كله إلا الله) [3] .
ويتابع الإمام محمد بن عبد الوهاب رده عليهم فيقول:
(وهنا شبهة: وهي قول من يقول: أن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على أسامة قتل من قال: (لا إله إلا الله) [4] . وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم (أمرت [1] كتاب التوحيد ص 115 المطبوع مع فتح المجيد ط 7/1377 هـ بتحقيق محمد حامد الفقي.
الناشر مطبعة أنصار السنة بمصر. [2] المرجئة: من الإرجاء. بمعنى التأخير، وهم يقولون أن الإيمان هو الإقرار فقط. انظر مقالات الإسلاميين للأشعري ج 1/214 والفرق بين الفرق للبغدادي ص 202. [3] مؤلفات الإمام محمد بن عبد الوهاب (ج 5/15) الطبعة الأولى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. [4] في صحيح مسلم (ج1/97) (ح97) كتاب الإيمان.