نام کتاب : الولاء والبراء في الإسلام نویسنده : القحطاني، محمد بن سعيد جلد : 1 صفحه : 169
فصل الجهاد في سبيل الله وسأوجزها فيما يلي:
(1) إن الكف عن القتال في مكة ربما كان لأن الفترة المكية كانت فترة تربية وإعداد، في بيئة معينة، لقوم معينين، وسط ظروف معينة، ومن أهداف التربية في مثل هذه البيئة: تربية الفرد العربي على الصبر على ما لا يصبر عليه عادة من الضيم حين يقع عليه أو على من يلوذون به: ليخلص من شخصه، ويتجرد من ذاته، فلا يندفع لأول مؤثر، ولا يهتاج لأول مهيج ومن ثم يتم الاعتدال في طبيعته وحركته. ثم تربيته على أن يتبع نظام المجتمع الجديد والتقيد بأوامر القيادة الجديدة، حيث لا يتصرف إلا وفق ما تأمره – مهما يكن مخالفاً لمألوفه وعادته – وقد كان هذا هو حجر الأساس في إعداد شخصية العربي المسلم لإنشاء "المجتمع المسلم".
(2) وربما كان ذلك أيضاً لأن الدعوة السلمية أشد أثراً وأنفذ في مثل بيئة قريش ذات العنجهية والشرف، والتي قد يدفعها القتال معها – في مثل هذه الفترة – إلى زيادة العناد ونشأة ثارات دموية جديدة كثارات العرب المعروفة أمثال داحس والغبراء وحرب البسوس، وحينئذ يتحول الإسلام من دعوة إلى ثارات تنسى معها فكرته الأساسية.
(3) وربما كان ذلك أيضاً اجتناباً لإنشاء معركة ومقتلة داخل كل بيت، فلم تكن هناك سلطة نظامية عامة هي التي تعذب المؤمنين، وإنما كان ذلك موكولاً إلى أولياء كل فرد ومعنى الإذن بالقتال – في مثل هذه البيئة – أن تقع معركة ومقتلة في كل بيت ثم يقال: هذا هو الإسلام!! ولقد قيلت حتى والإسلام يأمر بالكف عن القتال! فقد كانت دعاية قريش في المواسم، أن محمداً يفرق بين الوالد وولده فوق تفريقه لقومه وعشيرته! فكيف لو كان كذلك يأمر الولد بقتل الوالد، والمولى بقتل الولي؟
(4) وربما كان ذلك أيضاً لما يعلمه الله من أن كثيرين من المعاندين الذين يفتنون المسلمين عن دينهم ويعذبونهم هم أنفسهم سيكونون من جند الإسلام المخلص، بل من قادته. ألم يكن عمر بن الخطاب من بين هؤلاء؟
نام کتاب : الولاء والبراء في الإسلام نویسنده : القحطاني، محمد بن سعيد جلد : 1 صفحه : 169