وروى محمد بن سعد قال: (لما بايع الناس معاوية ليزيد كان الحسين ممن لم يبايع له، وكان أهل الكوفة يكتبون إليه يدعونه إلى الخروج إليهم في خلافة معاوية كل ذلك يأبى عليهم، فقدم منهم قوم إلى محمد بن الحنفية يطلبون إليه أن يخرج معهم فأبى، وجاء إلى الحسين يعرض عليه أمرهم، فقال له الحسين: إن القوم إنما يريدون أن يأكلوا بنا , ويستطيلوا بنا , ويستنبطوا دماء الناس ودماءنا، فأقام حسين على ما هو عليه من الهموم، مرة يريد أن يسير إليهم، ومرة يجمع الإقامة عنهم، فجاءه أبو سعيد الخدري فقال: يا أبا عبد الله! إني لكم ناصح، وإني عليكم مشفق، وقد بلغني أنه قد كاتبك قوم من شيعتكم بالكوفة يدعونك إلى الخروج إليهم فلا تخرج إليهم، فإني سمعت أباك يقول بالكوفة: والله لقد مللتهم وأبغضتهم وملوني وأبغضوني، وما يكون منهم وفاء قط، ومن فاز بهم فاز بالسهم الأخيب، والله ما لهم نيات ولا عزم على أمر، ولا صبر على السيف) [1] . (وقال محمد بن سعيد: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا جعفر بن سليمان عن يزيد الرشك قال: حدثني من شافه الحسين قال: رأيت أخبية مضروبة بفلاة من الأرض فقلت: لمن هذه؟ قالوا: هذه للحسين قال: فأتيته فإذا شيخ يقرأ القرآن والدموع تسيل على خديه ولحيته، قال قلت: بأبي وأمي يا بن بنت رسول الله ما أنزلك هذه البلاد والفلاة التي ليس بها أحد؟ فقال: هذه كتب أهل الكوفة إلى ولا أرهم إلا قاتلي , فإذا فعلوا ذلك لم يدعوا لله حرمة إلا انتهكوها فيسلط الله عليهم من يذلهم حتى يكونوا أذل من قرم الأمة - يعني مقنعتها) [2] . [1] - البداية والنهاية 8 / 534 [2] -البداية والنهاية (8/ 541)