وروى الحافظ الخطيب البغدادي: حدثنا بن جعفر محمد بن أحمد بن إبراهيم الحكمي حدثنا عباس بن محمد حدثنا أسود بن عامر حدثنا زهير بن معاوية حدثنا أبو روق الهمداني حدثنا أبو العريف قال: كنا في مقدمة الحسن بن علي اثنا عشر ألفاً بمسكن مستميتين من الجد على قتال أهل الشام، وعلينا أبو الغمر طه فلما جاءنا بصلح الحسن بن علي كأنما كسرت ظهورنا من الغيظ، فلما قدم الحسن بن علي على الكوفة قال له رجل منا يقال له: أبو عامر سعيد بن النتل: السلام عليك يا مذل المؤمنين فقال: لا تقل هذا يا عامر. لست بمذل المؤمنين ولكني كرهت أن أقتلهم على الملك، ولما تسلم معاوية البلاد ودخل الكوفة وخطب بها واجتمعت عليه الكلمة في سائر الأقاليم والآفاق، ورجع إليه قيس بن سعد وقد كان عزم على الشقاق وحصل على بيعة معاوية عامئذ الإجماع والاتفاق، ترحل الحسن بن علي ومعه إخوه الحسين وبقية أخوتهم وابن عمهم عبد الله بن جعفر من أرض العراق إلى أرض المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، وجعل كلما مر بحي من شيعتهم يبكتونه [1] على ما صنع من نزوله عن الأمر لمعاوية، وهو في ذلك هو البار الراشد الممدوح وليس يجد في صدره حرجاً ولا تلوماً ولا ندماً بل هو راضٍ بذلك مستبشر به، وإن كان قد ساء هذا خلقاً من ذويه وأهله وشيعتهم، - رضي الله عنه - وأرضاه وجعل جنات الفردوس متقلبه ومثواه) [2] .
فضل معاوية بن أبي سفيان [1] يبكتونه: يقرعونه. القاموس. [2] البداية والنهاية (8/ 381-386) وأنظر الكامل في التاريخ 3/85-87 بتصرف