نام کتاب : الملل والنحل نویسنده : الشهرستاني جلد : 2 صفحه : 58
وحكي عن قوم من الثنوية أن النور والظلمة لا يزالا حيين، إلا أن النور حساس عالم، والظلام جاهل أعمى, والنور يتحرك حركة مستوية مستقيمة، والظلام يتحرك حركة عجرفية[1] خرقاء معوجة فبيناهما كذلك إذ هجم بعض هامات الظلام على حاشية من حواشي النور، فابتلع النور منه قطعة على الجهل، لا على القصد والعلم، وذلك كالطفل الذي لا يفصل بين الجمرة والتمرة، وكان ذلك سبب المزاج. ثم إن النور الأعظم دبر في الخلاص، فبنى هذا العالم ليستخلص ما امتزج به من النور، ولا يمكنه استخلاصه إلا بهذا التدبير. [1] أصل العجرفة: التكبر، والجفوة في الكلام، يقال: في الجمل عجرفة وعجرفية في المشي، إذا كان لا يبالي لسرعته.
5- الكينوية، والصيامية، والتناسخية منهم:
حكى جماعة من المتكلمين أن الكينوية زعموا أن الأصول ثلاثة: النار، والأرض، والماء. وإنما حدثت الموجودات من هذه الأصول دون الأصلين، الذين أثبتهما الثنوية.
قالوا: والنار بطبعها خيرة، نورانية، والماء ضدها في الطبع، فما كان من خير في هذا العالم فمن النار، وما كان من شر فمن الماء، والأرض متوسطة.
وهؤلاء يتعصبون للنار شديدا، من حيث أنها علوية، نورانية، لطيفة, لا وجود إلا بها، ولا بقاء إلا بإمدادها. والماء يخالفها في الطبع، فيخالفها في الفعل، والأرض متوسطة بينهما. فتركيب العالم من هذه الأصول.
والصيامية منهم أمسكوا عن طيبات الرزق، وتجردوا لعبادة الله، وتوجهوا في عباداتهم إلى النيران تعظيما لها، وأمسكوا أيضا عن النكاح والذبائح.
والتناسخية منهم: قالوا بتناسخ الأرواح في الأجساد، والانتقال من شخص إلى شخص، وما يلقي الإنسان من الراحة، والتعب، والدعة، والنصب, فمرتب على ما أسلفه من قبل وهو في بدن آخر، جزاء على ذلك. والإنسان أبدا في أحد أمرين:
نام کتاب : الملل والنحل نویسنده : الشهرستاني جلد : 2 صفحه : 58