أسلحتهم بخصوصها ثم ذكر حديث ذات أنواط. فإذا كان اتخاذ الشجرة لتعليق الأسلحة والعكوف حولها اتخاذ إله مع الله، وهم لا يعبدونها ولا يسألونها، فما الظن بالعكوف حول القبر ودعائه والدعاء عنده والدعاء به؟ وأي نسبة للفتنة بشجرة إلى الفتنة بالقبر لو كان أهل الشرك والبدع يعلمون؟ ومن له خبرة بما بعث الله به رسوله وبما عليه أهل الشرك والبدع اليوم في هذا الباب وغيره علم أن بين السلف وبينهم أبعد مما بين المشرق والمغرب، والأمر والله أعظم مما ذكرنا. وفي صحيح البخاري عن أم الدرداء قالت: دخل علي أبو الدرداء مغضبا، فقلت: ما لك؟ قال: والله ما أعرف فيهم شيئا من أمر محمد صلى الله عليه وسلم إلا أنهم يصلون جميعا. اهـ. فتأمل رحمك الله تعالى كلام الشيخ رحمه الله تعالى وتصريحه بأن عبادة الأوثان قد وقعت في زمانه وتصريح بعد ذكره قصة دفن دانيال بأن أهل زمانه من المتأخرين قد اتخذوا من قبور من لا يدانيه في المرتبة والفضل والصلاح أوثانا، وأنهم لو وجدوه لجالدوا عليه بالسيوف وعبدوه من دون الله، يتبين لك ما أصبح غالب الناس اليوم فيه من عبادة غير الله، ودعائهم، والاستغاثة بهم في الشدائد وتفريج الكربات وإغاثة اللهفات، والإخلاص لهم في العبادات في أوقات الشدائد عند ركوبهم في البحر وغيره الذي لم يفعله المشركون الأولون كما أخبر الله عنهم بقوله: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} وقوله: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ} . فتأمل رحمك الله تعالى ما ذكر الله تعالى عن هؤلاء المشركين من إخلاص الدعوة لله في أوقات الشدائد، ثم تأمل ما يفعله المشركون في زماننا مما ذكرت لك، يتبين لك غربة الإسلام الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الأزمان. فإذا كان كلام أهل العلم، وتصريحهم بأن الشرك بالله غلب على أكثر النفوس، وأن القليل الذي تخلص منه، بل القليل من لا يعادي من أنكر الشرك، فما ظنك بزمانك هذا؟ ومعلوم أن الأمر لا يزداد إلا شدة وغربة، وفي الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يأتي زمان إلا والذي بعده