غير هذا الموضع على ما نقل في ذلك عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وتكلّمنا عليه، وبيّنّا بطلانه. ولو نقل ذلك عن كعب ووهب ومالك بن دينار ونحوهم ممّن ينقل عن أهل الكتاب؛ لم يجز أن يحتجّ به؛ لأنّ الواحد من هؤلاء ـ وإن كان ثقة ـ فغاية ما عنده [أن ينقل] من كتاب من كتب أهل الكتاب، أو يسمعه من بعضهم؛ فإنّه بينه وبين الأنبياء دهر طويل، والمرسل عن المجهول من أهل الكتاب الذي لا يعرف علمه وصدقه لا يقبل باتّفاق المسلمين، ومراسيل أهل زمننا عن نبيّنا صلى الله عليه وسلم لا تقبل عند العلماء، مع كون ديننا محفوظًا محروسًا؛ فكيف بما يرسل عن آدم وإدريس ونوح وأيّوب ـ عليهم السّلام ـ؟!
والقرآن قد أخبر بأدعية الأدنبياء وتوباتهم واستغفارهم؛ وليس فيها شيء من هذا، وقد نقل أبو نعيم في «الحلية» أنّ داود ـ عليه السّلام ـ قال: «يا ربّ؛ أسألك بحقّ آبائي عليك إبراهيم وإسحاق ويعقوب؛ فقال: يا داود؛ أي حقّ لآبائك عليّ» . فإن كانت الإسرائيليّات حُجّة؛ فهذا يدلّ على أنّه لا يسأل بحقّ الأنبياء، وإن لم تكن حُجّة؛ لم يجز الاحتجاج بتلك الإسرائيليّات. انتهى [كلامه] . فبيّن ـ رحمه الله ـ أن لم يصح في هذا شيء عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وأنّ جميع ما رُوي في ذلك باطل لا أصل له. [اهـ] .