الخطّاب بالعباس عمّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم؛ حين أجدبوا، مع وجود قبر النّبيّ ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ، والقصة مشهورة؛ فلا حاجة لنا بذكرها، وقد أقرّه الصّحابة على ذلك؛ فلو كانوا يعلمون أنّ في القرآن أو السُّنّة دليلًا على استحسان التّوسّل بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم والاستغاثة به بعد وفاته؛ لما ساغ لهم أن يتركوه ويعدلوا عنه، ويقرّوا أمير المؤمنين سيدنا عمر على قوله: «اللهمّ إنّا كنّا نتوسّل [إليك] بنبيّنا فتسقينا؛ والآن نتوسّل إليك بالعباس عمّ نبيّنا؛ فاسقنا» ؛ فصحّ بهذا أنّ التّوسّل والاستغاثة [به صلى الله عليه وسلم] كانا معروفين عند الصّحابة في حياته صلى الله عليه وسلم، وأنّهما بمعنى: طلب الدُّعاء منه صلى الله عليه وسلم، فلمّا قُبِضَ ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ فليس لنا أن نزيد في الدّين ونشرع فيه ما لم يأذن به الله؛ بل علينا أن نسأل الله ونقسم عليه بأسمائه وصفاته، ونتوسل إليه ـ تعالى ـ بصالح الأعمال؛ لقوله ـ تعالى ـ: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة} ، ولحديث الثّلاثة الذين انطبقت عليهم الصّخرة وهم بالغار؛ فتوسّلوا إلى الله ـ تعالى ـ بصالح أعمالهم؛ فانفرجت عنهم. رواه مسلم.