سبعون مجتهدًا في زمانه؟! وأما أنتَ لا نعلم أحدًا شهد لك بالاجتهاد المقيد فضلًا عن المطلق، إلا ولدك في «طبقات الشافعية» !
وإليك ما قاله أهل التفسير في هذه الآية الشريفة:
قال العلامة المحقق خاتمة المحدثين ومجدد القرن الثالث عشر، أبو الطيب، السيد صديق خان، في تفسيره المسمى بـ «فتح البيان» ، المطبوع في المطبعة الأميرية بمصر، ما نصّه: « {وما أرسلنا من رسول} : (مِن) زائدة للتوكيد، قاله الزجاج. والمعنى: ما أرسلنا رسولًا إلا ليطاع فيما أمر به ونهى عنه، وهذه لام كي، والاستثناء مفرغ؛ أي: ما أرسلنا لشيء من الأشياء إلا للطاعة، (بإذن الله) : بعلمه، وقيل: بأمره، وقيل: بتوفيقه. وفيه توبيخ وتقريع للمنافقين الذين تركوا حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضوا بحكم الطاغوت.
{ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم} : بترك طاعتك والتحاكم إلى غيرك من الطاغوت وغيره. {جاءوك} : متوسلين إليك، تائبين من النفاق متنصلين عن جناياتهم ومخالفاتهم؛ {فاستغفروا الله} : لذنوبهم بالتوبة والإخلاص، وتضرعوا إليك حتى قمتَ شفيعًا لهم فاستغفرت لهم؛ وإنَّما قال: {واستغفر لهم الرسول} على طريقة الالتفات لقصد التفخيم بشأن الرسول صلى الله عليه وسلم، وتعظيمًا لاستغفاره وإجلاله لا للمجيء إليه؛ {لوجدوا الله توابًا رحيمًا} ؛ أي: كثير التوبة والرحمة لهم. وهذا المجيء يختص بزمان حياته صلى الله عليه وسلم. وليس المجيء إليه بمعنى مرقده المنور بعد وفاته صلى الله عليه وسلم مما تدلُّ عليه هذه الآية؛ كما قرره في «الصارم المنكي» ؛ ولهذا لم يذهب إلى هذا الاحتمال البعيد أحد من سلف الأمة وأئمتها، لا من الصحابة ولا من التابعين ولا من تبعهم بالإحسان» انتهى.
وقد أحببنا إيراده بحروفه ليعلم [المنصف] أنه لم يستدلّ أحد من السلف ولا من الخلف على استحباب السفر إلى زيارة قبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم لمجرد الزيارة ولا لقبر غيره من الأنياء والصاحين لهذه الآية، اللهم إلا أن يكون أناس قد قلَّدُوا السبكي في هذا