responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : القول المفيد على كتاب التوحيد نویسنده : ابن عثيمين    جلد : 1  صفحه : 43
باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثانا تعبد من دون الله
...
اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد "[1].

قوله: " اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد "[2] أي: جعلوها مساجد; إما بالبناء عليها، أو بالصلاة عندها; فالصلاة عند القبور من اتخاذها مساجد، والبناء عليها من اتخاذها مساجد.
وهنا نسأل: هل استجاب الله دعوة نبيه صلى الله عليه وسلم بأن لا يجعل قبره وثنا يعبد أم اقتضت حكمته غير ذلك؟
الجواب: يقول ابن القيم: إن الله استجاب له; فلم يذكر أن قبره صلى الله عليه وسلم جعل وثنا، بل إنه حمي بثلاثة جدران; فلا أحد يصل إليه حتى يجعله وثنا يعبد من دون الله، ولم يسمع في التاريخ أنه جعل وثنا.
قال ابن القيم في "النونية":
فأجاب رب العالمين دعاءه وأحاطه بثلاثة الجدران.
صحيح أنه يوجد أناس يغلون فيه، ولكن لم يصلوا إلى جعل قبره وثنا، ولكن قد يعبدون الرسول صلى الله عليه وسلم ولو في مكان بعيد، فإن وجد من يتوجه له صلى الله عليه وسلم بدعائه عند قبره; فيكون قد اتخذه وثنا، لكن القبر نفسه لم يجعل وثنا.

[1] رواه: مالك في "الموطأ" ([1]/172) وابن سعد في "الطبقات" ([2]/240) عن عطاء بن يسار مرسلا, وعبد الرزاق ([1]/106) وابن أبي شيبة ([3]/345) عن زيد بن أسلم مرسلا, ووصله أحمد ([2]/246) والحميدي برقم (1025) وأبو نعيم في "الحلية" (6/283, 7/ 317) عن أبي هريرة. وصححه البزار وابن عبد البر; كما في "تنوير الحوالك" ([1]/186) , و "شرح الزرقاني" ([1]/ 351) .
[2] البخاري: الصلاة (436) , ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة (531) , والنسائي: المساجد (703) , وأحمد ([1]/218 ,6/34 ,6/80 ,6/121 ,6/146 ,6/252 ,6/255 ,6/274) , والدارمي: الصلاة (1403) .
.......................................................................
سالكه، وفي قوله تعالى: {صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} [1] هنا أضيف إلى الله- عز وجل- فإضافته إلى الله عز وجل- لأنه موصل إليه، ولأنه هو الذي وضعه لعباده- جل وعلا-، وإضافته إلى سالكه لأنهم هم الذين سلكوه.
وقوله: {مُسْتَقِيماً} هذه حال من: {صِرَاطُ} أي: حال كونه مستقيما لا اعوجاج فيه فاتبعوه.
وقوله: {وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [2] السبل، أي: الطرق الملتوية الخارجة عنه، وتفرق: فعل مضارع منصوب بأن بعد فاء السببية، لكن حذفت منه تاء المضارعة، وأصلها: "تتفرق"، أي أنكم إذا اتبعتم السبل تفرقت بكم عن سبيله، وتشتت بكم الأهواء وبعدت.
وهنا قال: (السبل) : جمع سبيل، وفي الطريق التي أضافها الله إلى نفسه قال: (سبيله) سبيل واحد، لأن سبيل الله- عز وجل- واحد، وأما ما عداه، فسبل متعددة، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم " وستفترق هذه الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار، إلا واحدة " [3]، فالسبيل المنجي واحد، والباقية متشعبة متفرقة، ولا يرد على هذا قوله تعالى: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ} [4] لأن: {سُبُلَ} في الآية الكريمة، وإن كانت مجموعة، لكن أضيفت إلى السلام فكانت منجية، ويكون المراد بها شرائع الإسلام.

[1] سورة الشورى آية: 53.
[2] سورة الأنعام آية: 153.
[3] أخرجه: أحمد (2/332) , وأبو داود (4596) , والترمذي (2640) , وابن ماجه (3991) , وابن أبي عاصم (66) , وابن حبان (3991) ; عن أبي هريرة, وصححه الترمذي والحاكم.
[4] سورة المائدة آية: 16.
نام کتاب : القول المفيد على كتاب التوحيد نویسنده : ابن عثيمين    جلد : 1  صفحه : 43
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست