نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم جلد : 4 صفحه : 98
الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه يوعك كوعك رجلَيْنِ من أَصْحَابه لِأَن لَهُ (1) على ذَلِك كفاين من الْأجر
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَلَيْسَ بعد هَذَا بَيَان فِي فضلهن على كل أحد من الصَّحَابَة إِلَّا من أعمى الله قلبه من الْحق ونعوذ بِاللَّه من الخذلان
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَقد اعْترض علينا بعض أَصْحَابنَا فِي هَذَا الْمَكَان بقول الله تَعَالَى عَن أهل الْكتاب إِذا آمنُوا {أُولَئِكَ يُؤْتونَ أجرهم مرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا} قَالَ فَيلْزم أَنهم أفضل منا فَقلت لَهُ أَن هَذِه الْآيَة وَالْخَبَر الَّذِي فِيهِ ثَلَاثَة يُؤْتونَ أجرهم مرَّتَيْنِ فَذكر مُؤمن أهل الْكتاب وَالْعَبْد الناصح مُعتق أمته ثمَّ يَتَزَوَّجهَا فيهمَا بَيَان الْوَجْه الَّذِي أجروا بِهِ مرَّتَيْنِ وَهُوَ الْإِيمَان بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبالنبي الأول الْمَبْعُوث بِالْكتاب الأول وَنحن نؤمن بِهَذَا كُله كَمَا آمنُوا فَنحْن شُرَكَاء ذَلِك الْمُؤمن مِنْهُم فِي ذَيْنك الإيمانين وَكَذَلِكَ العَبْد الناصح يُؤجر لطاعة سَيّده أجرا ولطاعة الله أجرا وَكَذَلِكَ مُعتق أمته ثمَّ يَتَزَوَّجهَا يُؤجر على عتقه أجرا ثمَّ يَتَزَوَّجهَا يُؤجر على عُنُقه أجرا ثمَّ على نِكَاحه إِذا أَرَادَ بِهِ وَجه الله تَعَالَى أجرا ثَانِيًا فصح يَقِينا أَن هَؤُلَاءِ إِنَّمَا يُؤْتونَ أجرهم مرَّتَيْنِ فِي خَاص من أَعْمَالهم لَا فِي جَمِيع أَعْمَالهم وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يمْنَع من أَن يُؤجر غَيرهم فِي غير هَذِه الْأَعْمَال أَكثر من أُجُورهم وَأَيْضًا فَإِنَّمَا يُضَاعف لهَؤُلَاء على مَا عمله أهل طبقتهم وَلَيْسَت المضاعفة لأجور نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرَّتَيْنِ من هَذَا فِي ورد وَلَا صدر لِأَن المضاعفة لَهُنَّ إِنَّمَا هِيَ فِي كل عمل عملته بِنَصّ الْقُرْآن إِذْ يَقُول الْقُرْآن يَقُول الله تَعَالَى {وَمن يقنت مِنْكُن لله وَرَسُوله وتعمل صَالحا نؤتها أجرهَا مرَّتَيْنِ} فَكل عمل عمله صَاحب من الصَّحَابَة لَهُ فِيهِ أجر فَلِكُل امْرَأَة مِنْهُنَّ فِي مثل ذَلِك الْعَمَل أَجْرَانِ والمضاعفة لَهُنَّ إِنَّمَا تكون على مَا عمله طبقتهن من الصَّحَابَة وَقد علمنَا أَن بَين الصاحب وَعمل غير أعظم مِمَّا بَين أحد ذَهَبا وَنصف مد شعير فَيَقَع لكل وَاحِدَة مِنْهُنَّ مثلا ذَلِك مرَّتَيْنِ وَهَذَا لَا يخفى على ذِي حس سليم فبطأت الْمُعَارضَة الَّتِي ذكرنَا وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَاعْترض علينا أَيْضا بعض النَّاس فِي الحَدِيث الَّذِي فِيهِ أَن عَائِشَة أحب النَّاس إِلَيْهِ وَمن الرِّجَال أَبوهَا بِأَن قَالَ قد صَحَّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لأسامة بن زيد أَن أَبَاهُ كَانَ أحب النَّاس إِلَيّ وَأَن هَذَا أحب النَّاس إِلَيّ بعده وَصَحَّ أَنه عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ للْأَنْصَار أَنكُمْ أحب النَّاس إِلَيّ
(قَالَ أَبُو مُحَمَّد) وَأما هَذَا اللَّفْظ الَّذِي فِي حَدِيث أُسَامَة بن زيد أَنه أحب النَّاس إِلَيْهِ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فقد رُوِيَ من طَرِيق حَمَّاد بن سَلمَة عَن مُوسَى بن عقبَة عَن سَالم عَن أَبِيه وَأما الَّذِي فِيهِ ذكر أُسَامَة وَزيد رَضِي الله عَنْهُمَا فَإِنَّمَا رَوَاهُ عمر بن حَمْزَة عَن سَالم بن عبد الله عَن أَبِيه وَعمر وَحَمْزَة هَذَا ضَعِيف وَالصَّحِيح من هَذَا الْخَبَر هُوَ مَا رَوَاهُ عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِإِسْنَاد لَا مغمز فِيهِ فَذكر فِيهِ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بِعني ليزِيد بن حَارِثَة وأيم الله إِن كَانَ لخليق بالإمارة وَإِن كَانَ لمن أحب النَّاس إِلَيّ وَأَن هَذَا من أحب النَّاس إِلَيّ بعده وَهَذَا يقْضِي على حَدِيث مُوسَى بن عقبَة عَن سَالم عَن أَبِيه لِأَنَّهُ مُخْتَصر من حَدِيث عبد الله بن دِينَار وَبِهَذَا يَنْتَفِي التَّعَارُض بَين الرِّوَايَتَيْنِ عَن ابْن عمر وَعَن أنس وَعمر وَإِلَّا فَلَيْسَ أَحدهمَا أولى من الآخر وَأما حَدِيث الْأَنْصَار فَرَوَوْه كَمَا ذكره هِشَام بن زيد عَن أنس وَرَوَاهُ عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب عَن أنس عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
نام کتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل نویسنده : ابن حزم جلد : 4 صفحه : 98